أنت هنا

قراءة كتاب لبنان العرب والعروبة

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
لبنان العرب والعروبة

لبنان العرب والعروبة

كتاب " لبنان العرب والعروبة " ، تأليف طلال سلمان ، والذي صدر عن دار الفارابي للنشر والتوزيع عام 2009 ، ومما جاء في مقدمة الكتاب:

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
الصفحة رقم: 4

... ويسألونك عن لبنان والديموقراطية عند العرب!

لا يمكنك، وأنت «ضيف» في أي عاصمة غربية، أن تستمر في الهرب من «الكمائن» التي يحتشد بها أي سؤال عن الأوضاع الداخلية، في لبنان خصوصاً، أو في البلاد العربية عموماً، سواء اتصل الأمر بالديموقراطية وقضايا الحريات، أم الأسباب الفعلية لتفاقم الأزمات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وكلها في نظر السائل مولّدة للإرهاب!

يعاملك مضيفك المهذب جداً لا سيما إذا كان بريطانياً بشيء من الإشفاق، ويداري وهو يطرح عليك ما يعرف جوابه من الأسئلة المحرجة، أن يُشعرك بالإهانة أو بأنه لا يحترم رؤساءك المبجلين أو «اللانظام» الحاكم في بلادك، ولهذا فهو يشير إلى استغلال الطائفية لشرعنة الفساد، وإلى تزوير إرادة الناخبين عبر تفصيل قانون الانتخاب على مقاس أصحاب الحظوة من السياسيين الذين يصيرون بالطائفية زعماء شعبيين وأركاناً للسلطة ينتفعون بخيراتها العميمة على حساب الفقراء الذين يزدادون فقراً.

يسألك، مثلاً، عن «الطبقة الوسطى» وسبب اندثارها، وهي التي كانت تلعب دوراً تنويرياً في المشرق عموماً، وفي لبنان بصورة خاصة.

ويسألك، ببراءة، إذا ما كانت الديموقراطية تتناقض مع الدين الإسلامي، أو مع «العروبة» كحركة سياسية تصدى بعض رافعي شعارها للإمساك بالسلطة في أكثر من قطر عربي، فكانت النتيجة تراجعاً شاملاً في مسألة الديموقراطية كما في البناء الاقتصادي أو في محاولة تحقيق قدر من العدالة الاجتماعية.

وتفتقد ما كنت تستشعره في لقاءاتك القديمة قبل عقدين أو ثلاثة مع ضيوف أو مضيفين غربيين من تودد واحترام يصل إلى حدود التهيّب، لاحتمالات التغيير الجذري في المنطقة التي كان اسمها «العالم العربي» وباتت الآن «الشرق الأوسط»، تحت راية الطموح إلى التقدم، سياسياً نحو الديموقراطية، واجتماعياً بتوفير «الخبز مع الكرامة» واقتصادياً بالانهماك في استثمار القدرات والكفاءات الوطنية والإمكانات الظاهرة والكامنة وتوفير فرص العمل لكل القادرين عليه.

أنت الآن، في أي مكان تذهب إليه، موضع مساءلة: «لماذا تتراجعون بينما حركة التقدم تتسارع وتيرتها بما يهددكم بالبقاء خارج الغد»؟!

».. وأين هو لبنان الذي كان له دور حيوي في «استحضار» العرب دولياً، عبر صورة مشرقة عن قدراتهم الكامنة، وفي تقديم الدليل على أن النظام الديموقراطي حتى لو كان ناقصاً أو معتلاً، كما هي الحال عندكم هو بطاقة انتساب إلى العصر؟».

* * *

في «زيارة» لمجلس العموم البريطاني، تستطيع التحقق بالعين المجردة أن الديموقراطية لا تحتاج إلى مقاعد وثيرة ولوحة ضوئية بأسماء الحضور، وتجهيزات فائقة الحداثة لمقاعد السادة النواب.

»البنوك المدرسية» الخضراء، والرخيصة التكاليف، تتراصف متواجهة في القاعة الضيقة على من يحتشد فيها: الحكومة، ومن خلفها حزبها، في مقابل المعارضة (تتقدمها حكومة الظل)، وفي الوسط «الرئيس» فوق مقعد عال، وأمامه الخبير الدستوري، بشعره المستعار، للاستعانة به إذا لزم الأمر..

الديموقراطية تحب البساطة، وهي غير مكلفة.

يبدو أن الديموقراطية لا تعيش إلا بالفقراء ومعهم، بشرط أن يكون ممثلوهم ممثليهم فعلاً!

... ومع أن الجلسة التي شهدنا بعض وقائعها قد حفلت باتهامات خطيرة للحكومة، وبالذات لرئيسها طوني بلير، بينها أنها «خدعت الشعب» و«غيّبت عنه الحقيقة» و«أخذت البلاد إلى حرب لاحتلال العراق. ثبت أن مبرراتها كانت مضللة وكاذبة»، فهي قد انتهت بلا اشتباكات أو ضرب بالكراسي أو اختلاق تهم جنائية للمعارضين (وكثير منهم أعضاء في الحزب الحاكم).

لم يشكل الاختلاف في الرأي، كما في بلادنا خروجاً على الجماعة.

ولم يخرج النواب العماليون من الحزب في انشقاق يستولد أحزاباً، بل هم تصدوا لرئيسهم مباشرة وعلناً... بينما كل حزب في بلادنا، صار بمجرد الاختلاف في الرأي، أحزاباً.. وكل من اعترض خرج أو أُخرج مشهّراً به وملعوناً إلى يوم الدين.

ومع أن العصمة في بلادنا امتياز للأنبياء، فقد أضفى كل رئيس على نفسه صفة العصمة، من رئيس الجمهورية إلى رئيس المجلس إلى رئيس الحكومة إلى رئيس الحزب إلى رئيس النقابة إلى رئيس جمعية الحبل بلا دنس. الرئيس فوق الحساب أما الشعب فتحت الحساب، وهو من يدفع الحساب دائماً.

* * *

وحديث النيابات والمجالس يفتح الباب لحديث الانتخابات، في لبنان، وقوانينها العجائبية.

الصفحات