كتاب " وقائع الصم البكم في قلب نظام الحكم ، تأليف هشام صلاح الدين ـ والذي صدر عن دار الفارابي للنشر والتوزيع عام 2010 ، ومما جاء في مقدمة الكتاب:
أنت هنا
قراءة كتاب وقائع الصم البكم في قلب نظام الحكم
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

وقائع الصم البكم في قلب نظام الحكم
ـ كي تتحرك المرأة نحوي.. تصبح إلى جواري على الفراش.. والباقي سهل.
ـ وهل حدث؟
ـ نعم.
ـ أتغارين؟
ـ أغار.
ـ كانت تلك المرأة الأولى.. الأخيرة في الحرام.. قلت لها، من ثم التحمنا في الفراش، وكانت ليلة جميلة.
***
إثر إفاقتي قال البحيري:
ـ تمنيت لك الراحة.
ـ بالموت.
ـ به يا أخي.
ضحكنا، ولما شعرت أن الأمر أكثر هدوءاً من رجال الشرطة، سألت البحيري عن السبب، قال فرِحاً:
ـ العالم مقلوب.. والضغط على الرئيس والحكومة بلغ مداه.
ـ كيف؟
ـ خرجوا في باكستان وأستراليا.. فرنسا وألمانيا، تظاهرات المعوّقين في كل مكان في العالم.. تضامناً معنا.. حتى في أميركا اللاتينية والجنوبية.. وآخر الأخبار، وزير الداخلية سوف يتوجه إلى اعتصام الصم البكم للتفاهم معهم وإنهاء الأمر.
ـ وهل ينهونه؟
ـ لنر.
تمنيت في لحظة أن ينتهي الأمر، أن تعود زوجتي إلى البيت.. لنكمل المشوار مع أولادنا.. الآن، لست أدري لماذا أتمنى الاستمرار.. العالم المعوّق كله إلى جوارنا.. الدنيا مقلوبة، هززت بحيري، سألته:
ـ هل حكم أعمى شعباً ما؟
ضحك البحيري.. قهقه:
ـ يمكن تكون أولهم.
ـ أنا؟
ـ أعرف أن حكم أمة ما.. أعور.
ـ عين واحدة.. مكّنته أن يسحل ويعذب، فكيف بصاحب الاثنتين؟
العميان لا يحكمون.. ولا الصم البكم، أو الجالسون على كراسٍ بشلل ما.. إنما يحكم الأصحاء، شكراً للتاريخ الذي جاء بأعور ـ هنا وهناك، بيد أن مثيله في حرب ما، انتزع لإسرائيل من العرب مرتفعات وشبه جزيرة وغيرهما، لكنه امتلك عيناً على الأقل! هذا الذي راودني من خواطر اجتاحتني في الحال، فقلت للبحيري:
ـ حتى إذا تجاوب الصم البكم، علينا الاستمرار، فليس لدينا عيون نخسرها، أو قصور نفقدها، إن الله لن يتخلى عنا.. عن الأولاد.. واللحظة قد تمنحنا تاريخاً، ليس لمعوّقين على وجه الأرض.. مثله.
ـ أصبحت ثورياً يا ثرثار.
قالها بسخرية، بدت لي ممزوجة بشيء من الأمل/ الرجاء.
***
نمنا على الرغم من ارتفاع مكبّرات الصوت، عندها زارني المهاتما غاندي، قال بصوت خفيض:
ـ نعم امتلكت عينين ولساناً وشفتين، لكني كنت معوقاً مثلكم.. لا سلاح ولا مال.. ولا دعم كما الذي تحظون به.. وكان سلاحي الصمت والسلم، ومقاطعة كل ما هو بريطاني.. تشبثوا يا رفاق!
نهضت من فوري.. استفاق البحيري على صوت مكبرات الصوت:
ـ فضوا الاعتصام.. فقد عاد الصم والبكم إلى بيوتهم، بعد أن وعدتهم الحكومة بإنشاء المزيد من المدارس لهم والأندية الرياضية، وتسهيل حصولهم على مساكن ـ وتقديم قروض للزواج من دون فوائد.. وا.. وا.
تجاوزنا الذي سمعناه، كانت أخبار العالم كله لدينا، وعرفنا أن البصاق الذي حصل عليه الوزير.. يكفي لإقامة النهر القذر.. ليكون الأول من نوعه في التاريخ!
الصفحات
- « first
- ‹ previous
- 1
- 2
- 3
- 4