على أُونا...

النحّات معروف في محترفه الكبير يتأمّل التماثيل الكبيرة والمتنوّعة الموجودة لديه، من بينها ثلاثة تماثيل لنساء. تشكل موسيقى ؟ي؟الدي Vivaldi الفصول الأربعة، خلفية لما يجري في هذا المشهد، ولتأملات معروف ومونولوجه الذي يقوله أقرب إلى الهذيان، بعد أن أقدم على بيع آخر ضمائره في سوق المزاد. الزمان زمن الحرب اللبنانية.

معروف

ـ (يعمل المطرقة والإزميل في تماثيله وكأنه لم ينتهِ بعد منها في تفاصيلها النهائية) على أونّه، على دووّي، على ترِيي.. (يقهقه كأنه يضحك على ذاته) .

السمسار.. السمسار، كيف أقنعني، والمنادي ينادي ولم أنبس ببنت شفة؟! ماذا دهاني حتى قبلت؟! ضمائر تُباع وضمائر تُشرى في سوق المزاد، كأنها البورصة. إني كالحمار، عندما قبلت ببيع كل ضمائري... من أين خطرت لي فكرة البيع أصلاً؟! سامحك الله يا جدّي يوم قلت لأبي عندما ولدتني أمي: (يقلّده) مبروك... إن شاء الله تكون ضمائره قد وُلِدَتْ معه. ولما سأل أبي أباه (يعني جدّي) عن تلك الضمائر، أجابه جدي: المتصل والمنفصل والمستتر.. وهاأنذا الآن دون ضمير أصبحت.. كيف سأستطيع الاستمرار في الحياة؟

(للتماثيل الثلاثة التي تشبه ضمائره أو نساءه، ومع بداية حالة مجنونة).

سامحوني...الله وحده الذي يعلم أين أنتم الآن؟ وماذا فعلوا بكم... أولاد الكلاب،.. اشتروكم أولاد القحبة.. استغلوا حاجتي وضعفي.. معهم المال الكثير وبالمال يشترون ما يشاؤون.. بل من يشاؤون... لكن لا.. إني أنا الحمار.. وحدي.. الحمار.. تفووه...

(يبدأ بتكسير وتهشيم التماثيل.. بجنون، ثم يتراخى ويسقط أرضاً لشدة التعب..

فجأة، وعلى صوت الموسيقى، تبدأ التماثيل بالتحرك تباعاً، وامرأة تلو الأخرى تخرج من التمثال بعد أن تكسر قشرته الخارجية، تماماً كالفرخ الذي يطلع من البيضة، نلاحظ أشكالاً وتشكيلات مختلفة...

تعلو الموسيقى.. حركات راقصة.. يرتدي النساء الثلاث أقنعة وكأنهن جلادين وقفازات سوداء وسط دهشة ورعب معروف الذي بالكاد ينطق أسماءهن فهن ضمائره، وضمائره أشبه بزوجاته الثلاث. تتغير الموسيقى فجأة وكذلك الإضاءة، فيتحوّل المكان إلى منصة إعدام يتدلى منها حبل مشنقة. يُصعِدْنَ النساء معروف إلى المنصة ثم يجعلن الحبل حول عنقه، كيس على الوجه، معروف يرجوهن ويتوسل:

معروف

ـأرجوكم بلاها.. دعوني أعيش.

المتصل

ـحتى الآن لم تمت بعد يا نذل

المنفصل