كتاب " ملعون " ، تأليف إيهاب قاسم ، والذي صدر عن دار الفارابي للنشر والتوزيع عام 2013 ، ومما جاء في مقدمة الكتاب:
خيّم السكون وتوقفت الأنفاس.
أنت هنا
قراءة كتاب ملعون
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

ملعون
5
في الموعد المحدد دق جرس الباب، وتسمر غازي مذهولاً وفمه مفتوح على مصراعيه وهو يشاهد هذا العملاق المهيب ذا الشعر الأبيض والشاربين الكثّين واقفاً بالباب مستنداً إلى عصاه مبتسماً وهو يقول:
«أزيك يا مولانا».
«................».
«يا ترى بابا موجود».
«................».
«أنت اسمك إيه؟».
«...... غازي».
«حصل لنا الرعب يا مولانا.. ها ها ها، وهوه في غازي مرعب زيك كده يلبس شورت برضه.. ها ها».
هرولت أبكار وخلفها الشيخ البراك للترحيب بالضيف الكبير واصطحباه إلى الصالون حيث يجلس في الانتظار الجاران فرج وزوجتاهما سعاد ولبنى، وجلس الجميع على أطراف أصابعهم لساعات وهم يبحرون مع تلك العقلية الفذة في بحور الفن والحياة والسياسة والدين والعشق.
تركهم في آخر الليل في حالة من النشوة العقلية الغريبة، كل يراجع نفسه وأفكاره بل حياته أيضاً. غادر الجاران وقد اتفقا على قراءة كل كتب الأستاذ، وغاص الشيخ البراك في كرسيه، بينما تكومت أبكار على أفكارها في مقعدها الأثير على الشرفة المطلة على البحر.
قبل انبلاج الفجر، وسط ذلك السكون الذي لا يقطعه سوى صوت أمواج البحر، فتح باب الغرفة ودخل الشيخ البراك مرتدياً غترته وعباءته القديمة وممسكاً بسيفه في يده، أحس غازي بوجود حركة غريبة في الغرفة ففتح عينيه ببطء ليجد أمامه والده وقد سقط عليه الضوء الخافت القادم من الصالة والمتسرب من خلف درفة الباب فجعله يبدو ضخماً، مهيباً ومخيفاً في آن واحد.
وضع الشيخ سيفه على جسد غازي وقال بصوت عميق هادئ وآمر: «أقسم على الولاء للملك وللعائلة.. أقسم»...
«والآن دعني أحكي لك ما فعلوه بنا في الدرعية».
لا يذكر غازي أنة قد رأى والده يبكي قط، إلا في هذه الليلة التي حفرتها دموع الوالد في ذاكرة الابن وفي مشاعره كأنها وشم دام لا يمحّي أبداً.