أنت هنا

قراءة كتاب المرشـد الواضـح في الـحـج والعـمــرة

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
المرشـد الواضـح في الـحـج والعـمــرة

المرشـد الواضـح في الـحـج والعـمــرة

كتاب " المرشـد الواضـح في الـحـج والعـمــرة " ، تأليف  محيي الدين محمد عطية ، ومما جاء في مقدمة الكتاب :

تقييمك:
3
Average: 3 (1 vote)
الصفحة رقم: 2

أولاً: فرضية الحج بالكتاب

قال تعالى {وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ}([15]).

وقال سبحانه {وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ}([16]). وقال عز وجل { وَأَتِمُّواْ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلّهِ}([17]).

فهذه الآيات تدل على فرضية تلك العبادة ، وأنها أحد أركان الإسلام .

وقال الإمام الطبري رحمه الله في تأويل قوله تعالى: ] وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَـمِينَ [ قال بعد أن ذكر أقوال أهل العلم: "وأولى التأويلات بالصواب في ذلك: قول من قال: "ومن كفر" ومن جحد فرض ذلك، وأنكر وجوبه، فإن الله غنيٌّ عنه وعن حجه، وعن العالمين جميعاً " ([18])؛ ولهذا قال رحمه الله: "ومن جحد ما ألزمه الله من فرض حج بيته، فأنكره، وكفر به؛ فإن الله غنيٌّ عنه، وعن حجِّه وعمله، وعن سائر خلقه من الجن والإنس... "([19]).

ثانيا: فرضية الحج بالسنة

وأما السنة؛ فالأحاديث كثيرة، منها الأحاديث الآتية:

1- حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال: نُهينا أن نسأل رسول الله عليه الصلاة والسلام عن شيء، فكان يعجبنا أن يجيء الرجل من أهل البادية، العاقل فيسأله ونحن نسمع، فجاء رجل من أهل البادية، فقال: يا محمد أتانا رسولك فزعم لنا أنك تزعم أن الله أرسلك؟ قال: "صدق "، قال: فمن خلق السماء؟ قال: "الله"، قال: فمن خلق الأرض؟ قال: ، قال: "الله"، قال: فمن نصب هذه الجبال وجعل فيها ما جعل؟ قال: "الله"، قال: فبالذي خلق السماء، وخلق الأرض، ونصب الجبال، آلله أرسلك؟ قال: "نعم"، قال: وزعم رسولك أن علينا خمس صلوات في يومنا وليلتنا، فقال: "صدق"، قال: فبالذي أرسلك آلله أمرك بهذا؟ قال: "نعم"، قال: وزعم رسولك أن علينا زكاة في أموالنا، قال: "صدق"، قال: فبالذي أرسلك آلله أمرك بهذا؟ قال: "نعم"، قال: وزعم رسولك أنَّ علينا صومَ شهر رمضان في سنتنا، قال "صدق "، قال: فبالذي أرسلك: آلله أمرك بهذا؟ قال: "نعم"، قال: وزعم رسولك أن علينا حج البيت من استطاع إليه سبيلاً، قال: "صدق "، قال: ثم ولَّى، قال: والذي بعثك بالحق لا أزيد عليهنَّ ولا أنقص منهنَّ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "لئن صدق ليدخلن الجنة "([20]) .

2- حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله عليه الصلاة والسلام: "بُني الإسلام على خمسٍ: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت" ([21]) .

3- حديث جبريل في رواية عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وفيه أنه قال: بينا نحن عند رسول الله عليه الصلاة والسلام ذات يومٍ إذ طلع علينا رجلٌ شديد بياض الثياب، شديد سواد الشعر، لا يُرى عليه أثر السفر، ولا يعرفه منا أحد، حتى جلس إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فأسند ركبتيه إلى ركبتيه، ووضع كفَّيه على فخذيه، وقال: يا محمد أخبرني عن الإسلام؟ فقال رسول الله عليه الصلاة والسلام: "الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصومَ رمضان، وتحجَّ البيت إن استطعت إليه سبيلاً..." ([22]).

4- حديث أبي هريرة رضي الله عنه ، وفيه: أنه قال: خطبنا رسول الله عليه الصلاة والسلام، فقال: "أيها الناس قد فرض الله عليكم الحج فحجّوا..." ([23])

فرضية الحج بالإجماع

أجمعت الأمة الإسلامية على فرضية الحج على المستطيع و أنه أحد أركان الإسلام.([24]) ، وأنه من الأمور المعلومة من الدين بالضرورة وأن منكره كافر مرتد عن الإسلام.

قال الإمام ابن المنذر: "وأجمعوا على أن على المرء في عمره حجة واحدة: حجة الإسلام إلا أن ينذر نذراً فيجب عليه الوفاء به" ([25]).

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "وقد أجمع المسلمون في الجملة على أن الحجَّ فرضٌ لازمٌ"([26]).

تساؤل:

هل الحج فرض عين على الفور لمن استطاع إليه سبيلا أم فرض عين على التراخي؟

ذهب بعض العلماء إلى إنه يجب على التراخي!. ، واحتجوا بالقياس على الصلاة في الوقت: إن شئت صلها في أوله، أو في آخره، والعمر هو وقت الحج، فإن شاء حج أول العمر أو آخره، واحتجوا أيضاً بأن الله فرض الحج في السنة السادسة بقوله تعالى: { وَأَتِمُّوا الْـحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لله }([27]) ، ولم يحج النبي صلى الله عليه وسلم إلا في السنة العاشرة.

ولكن الصحيح أنه يجب على الفور؛ بمعنى أن العبد متى تمكن من أدائه، وزالت المحظورات، وقدر عليه؛ وجب عليه أن يأتي به، ولم يجز له تأخيره.و لقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يحث على المبادرة إلى الحج، فمن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه ابن عباس" من أراد الحج فليتعجل فإنه قد يمرض المريض وتضل الضالة وتعرض الحاجة"([28]) .

ففي هذا الحديث حث منه عليه الصلاة والسلام على المبادرة إلى أداء هذا الركن العظيم، وهذا من أدلة وجوب الحج على الفور. كما أن أوامر الله تعالى يجب الإسراع بها، لما علل به في الحديث السابق من خوف العوائق والعوراض التي تعرض للإنسان، فإنه لا يدري متى تعرض له. فعلى المسلم أن يبادر بأداء الأوامر والطاعات وهو في حال صحته واستطاعته قبل أن يندم،.

ثم إن الله تعالى إنما أوجبه مرة في العمر، كما في قوله صلى الله عليه وسلم : أيها الناس إن الله قد كتب عليكم الحج فحجوا، فقال رجل: يا رسول الله، أفي كل عام؟ فسكت حتى قالها ثلاثا، فقال: لو قلت نعم لوجبت، ولو وجبت لما استطعتم، الحج مرة، فما زاد فهو تطوع([29]).

فمن حكمة الله ومن رحمته بعباده أنه ما أوجب الحج إلا مرة واحدة في العمر على الفور، لمن استطاعه، ولا يتم الدين إلا به وما زاد فهو تطوع فعلى كل مسلم إذا تمت فيه الشروط المعروفة أن يأتي لهذا البيت المعظم ملبيا نداء الله إليه .

وعلى هذا لا حجة لمن قال أن الحج واجب على التراخي، وأما القول: إن عمر الإنسان كله وقت للحج، فهذا صحيح، لكن جاءت الأدلة بالأمر بالتعجيل؛ لأن الإنسان لا يدري ما يعرض له، وأما قوله تعالى: {وَأَتِمُّوا الْـحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لله} فهذا ليس أمراً بهما ابتداءً، ولكنه أمر بالإتمام بعد الشروع فيهما، وأما فرض الحج فالصواب أنه فرض في السنة التاسعة، ولم يحج النبي صلى الله عليه وسلم إلا في العاشرة؛ لكثرة الوفود عليه في تلك السنة،ليتفقهوا في الدين وهذا أمر مهم وأن لا يحج بعد العام مشرك، ولا يطوف بالبيت عُريان. لأن في السنة التاسعة متوقع أن يحج المشركون كما وقع ، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يؤخر من أجل أن يتمحض حجه للمسلمين فقط . ([30])

فالصحيح أن الإنسان إذا بلغ سنة بلوغه كما لو بلغ في شوال أو في ذي القعدة وكان موسراً تلك السنة فيجب عليه أن يحج في أول سنة يصادفه فيها الحج،ومن مات وقد فرط في أداء الحج بعد القدرة عليه فيخشى ألا ينفعه تأديته عنه بعد موته ([31]) .

أما العمرة:

فهي زيارة البيت الحرام لأداء هذا النسك على وجه مخصوص هو الإحرام، والطواف بالبيت، والسعي بين الصفا والمروة ،والحلق أو التقصير.

والعمرة فرض عين مرة واحدة على من يجب عليه الحج لقوله تعالى:
{ وَأَتِمُّوا الْـحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لله }([32]) ، وقوله: { فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا} ([33]) ، وقوله تعالى: { فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْـحَجِّ }([34]) .

وللأحاديث الثابتة الآتية:

1- جواب النبي صلى الله عليه وسلم لسؤال جبريل من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال:بينا نحن جلوس عند رسول الله عليه الصلاة والسلام في أناسٍ إذ جاء رجل ليس عليه شحناء سفر،وليس من أهل البلد،يتخطَّى حتى ورك فجلس بين يدي رسول الله عليه الصلاة والسلام،كما يجلس أحدنا في الصلاة،ثم وضع يده على ركبتي رسول الله عليه الصلاة والسلام فقال:يا محمد،ما الإسلام؟ قال:"الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله،وأن محمداً رسول الله، وأن تقيم الصلاة،وتؤتي الزكاة،وتحج، وتعتمر، وتغتسل من الجنابة،وتتم الوضوء،وتصوم رمضان"، قال: فإن فعلت هذا فأنا مسلم؟ قال:"نعم"،قال:صدقت"،وذكر باقي الحديث... ([35]).

2- حديث عائشة رضي الله عنها أنها قالت للنبي صلى الله عليه وسلم : يا رسول الله! على النساء جهاد؟ قال: "نعم، عليهن جهاد لا قتال فيه: الحج والعمرة"([36]) .

3- حديث أبي رَزِين أنه قال:يا رسول الله!إن أبي شيخ كبير لا يستطيع الحج، ولا العمرة، ولا الظعن قال: "حجَّ عن أبيك واعتمر"([37]) .

4- حديث الصُّبيِّ بن مَعْبَدٍ، في قصته الطويلة، وفيه: أنه أتى عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال:"...يا أمير المؤمنين،إني كُنْتُ رَجُلًا أَعْرَابِيًّا نَصْرَانِيًّا، وَإني أَسْلَمْتُ وأنا حَرِيصٌ عَلَى الْـجِهَادِ،وَإِنِّي وَجَدْتُ الْـحَجَّ وَالْعُمْرَةَ مَكْتُوبَيْنِ عَلَيَّ،فَأَتَيْتُ رَجُلًا مِنْ قَوْمِي،فَقَالَ لِي:اجْمَعْهُمَا وَاذْبَحْ مَا اسْتَيْسَرَ مِنْ الْـهَدْيِ،وَإِنِّي أَهْلَلْتُ بِهِمَا مَعًا،فَقَالَ لِي عُمَرُ t:هُدِيتَ لِسُنَّةِ نَبِيِّكَ  "([38]) .

5- قول ابن عمر رضي الله عنهما: "ليس أحد إلا وعليه حج مرة"([39]) .

6- قول ابن عمر رضي الله عنهما: "الحج والعمرة فريضتان "([40]) .

7- قول ابن عباس رضي الله عنهما عن العمرة: "إنها لقرينتها في كتاب الله عزوجل: {وَأَتِمُّوا الْـحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لله }([41]) .

وهذا هو الصواب الذي دلت عليه الأدلة الشرعية أن العمرة فريضة كالحج تجب في العمر مرة واحدة على من وجب عليه الحج، سواء كان من أهل مكة أو غيرهم.([42])

الصفحات