أنت هنا

قراءة كتاب مهارات الإتصال- المصباح في اللغة العربية كلغة اولى

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
مهارات الإتصال- المصباح في اللغة العربية كلغة اولى

مهارات الإتصال- المصباح في اللغة العربية كلغة اولى

كتاب "مهارات الإتصال- المصباح في اللغة العربية كلغة اولى " ، تأليف رمضان كفافي ، والذي صدر عن دار مركز الكتاب الاكاديمي ، ومما جاء في مقدمة الكتاب :
 

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
الصفحة رقم: 6

النّص الثاني : العصافيــــر

كـان للطفلة ندى وجـه عذب . وكانت أحيانا تتخلّى عـن أساها ، وتستسلم لفـرح خفيّ يجعلها تضحك مبتهجة ، فتنحدر النجوم من أعلى، وتختبئ في شعرها الأسود المديد .

ولقـد قعـدت يومـا على الأرض ، وأسندت ظهرها إلى حائـط مـن الإسمنت بينما كانت

قدماها مطروحتين أمامها كجثتين هامدتين ، وطفقت تبكي وهي تغطّـي وجهها براحتيها فنـزل

من السماء رجل يرتدي ملابس بيضا ووقف قبالتها ، ورمقها بحنان، ثم قال لها : " ما بك؟ " .

فلم تفه ندى بكلمة إنّما ازداد بكاؤها، فقال الرجل بصوت رقيق: " لماذا تبكين؟ "، فكفّت ندى عن النحيب، ولكنها ظلت صامتة، فتطلّع الرجل إلى ثيابها الرّثّة ثمّ قـال متسائلا : " هل تريدين ثيابا جديدة ؟ " . فأبعدت ندى يديها عن وجهها المبتلّ بالدموع ، وقالت بنزق : " لا أريد ثيابا " .

فتأمّلها الرجل مليّـا وقال : " أيـن أمّـك ؟ " .

- " ماتـت " .

- " وأبـوك ؟ ".

- " سافر ولم يرجـع " .

- " أليس لك بيـت؟ " .

فانتحبت نـدى من جديـد ، وسألها الرجل ثانية بحنو : " لماذا تبكين ؟ ". فأشارت نـدى دونما كلمـة إلى قدميها المشلولتين ، فجلس الرجـل ذو الثياب البيض القرفصاء، ولمس بيديه

قدميها ، فدبّت فيهما الحياة في الحال، وخفق الدم في شرايينهما حارا عنيفا. وساعد الرجل ندى على النهوض ، وقال لها وهو يربّت على شعرها : " هيّـا امشـي " .

فأطاعته نـدى ، وسارت في البداية بحـذر وارتباك ، ثمّ ما لبثت أن أحسّـت أنّها سيّـدة قدميها ، وحين التفتت وهمّـت بشكر الرجل ذي الثياب البيض فوجئت باختفائه ، فوقفت هنيهة حائرة ، تغمرها الغبطـة الممتزجة بخـوف ضئيل غامـض ، ثـمّ أخذت تعـدو كغزالة سجنت حينا من الوقت.

وغنّت الأرض تحـت قدميها ، ولم تتوقف ندى عن الركض إلاّ عندما تعبت ، فارتمت تحت أغصان إحـدى الأشجـار ، واستلقت على ظهرها فـوق التراب والأعشاب الخضـر، ولهثـت سعيدة.

ووجدت نـدى نفسها بعد قليـل مجبرة على مراقبة عصافير تطير متنقلة مـن شجرة إلى أخرى، فقطّبت جبينها على حين غرّة ثم أجهشت بالبكاء.

ولقد انتحبت نـدى طويلا غير أنّ الرجـل الذي يرتدي ملابس بيضا لم يحضـر ، وظلّـت العصافير ترفرف بأجنحتها عبر السماء الزرقاء.

( ربيـع في الرمـاد- الأعمال القصصية لزكريا تامر- بتصرف )

الصفحات