أنت هنا

قراءة كتاب في آفاق الصيام أحكام وآداب ومعان

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
في آفاق الصيام أحكام وآداب ومعان

في آفاق الصيام أحكام وآداب ومعان

كتاب " في آفاق الصيام أحكام وآداب ومعان " ، تأليف الشيخ عبد الكريم تتان ، والذي صدر عن دار الفكر للطباعة والتوزيع والنشر عام 2013 .
ومما جاء في مقدمة الكتاب :

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
دار النشر:
الصفحة رقم: 1

لكل ما مر أقول: كي نؤدي فريضة الصيام على وجهها الصحيح المحدد شرعاً لا بد لنا من فقه صحيح واع بكل ما يتعلق بأحكام الصيام وآدابه، ومن هذا الفقه "حسن الاستعداد لهذا الشهر المبارك"، قبل أن يدخل علينا، ومن ميادين الاستعداد: الإعداد الإدراكي والنفسي والإرادي، فما هذه – يا ترى - حتى نهيّئ النفس لها.

أولاً : هذه الثلاثة تتساند في النفس وتتعاون على الإنجاز الرائع لهذه الفريضة.

ثانياً : تحديد أبعاد كلمة رمضان، التي اتصلت في أذهان كثيرين بالصوم، وصار الصوم مرادفاً لها، فصار مفهوم الشهر عقلاً منحسراً حتى لا يتعدى الشهر فريضة الصيام، مع أن (رمضان) و(الصيام) ليستا كلمتين مترادفتين، وإن كان ثمة تداخل أحياناً بينهما، وفي هذا غفلة عن خير عميم كما سنبين، فما الحقيقة في هذا؟

رمضان ظرف زمان، وشهر قمري، اختاره الله_ز وعاء زمانياً أنزل فيه القرآن الكريم، قال تعالى: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ} [البقرة: 2/185] ، واختاره الله_ز أيضاً ليكون ظرفاً زمانياً لأداء فريضة الصيام، والصيام هو الركن الرابع من أركان الإسلام العظيم، قال تعالى في هذا: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} [البقرة: 2/185] ، وبهذا النص وغيره ثبت فرض الصيام، وأنت ترى بما بينت أن كلمة (رمضان) لا تعني كلمة (الصيام) مطابقة...

ثالثاً : تضمن شهر رمضان إلى جانب فرض الصيام عبادات جليلة، استحضارها يتعلق بالجانب الإدراكي لدى المسلم، ومن ذلك: تلاوة القرآن ومدارسته، والقيام بصلاة التراويح، والجود والعطاء، إذ تنقلب حالة الصيام، بمعنى الإمساك عن المفطرات، إلى يد مبسوطة بالخير. وكذلك فيه الاعتكاف؛ وهو عبادة رائعة، فيها ربوض على أعتاب الله عز وجل تستمنحه عطاياه، وتنشد التقرب إليه بهذه الربوض، والأنس بجواره، والتبتل إليه وحده، وفي الاعتكاف يتم ترقب ليلة القدر {وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ *} [القدر: 97/2] ؟!... هذه العبادات كلها مع الصيام يؤديها المسلم ليكون مستوعباً لما أدركه من كلمة "رمضان".

رابعاً : على صعيد العاطفة، والأشواق إلى رمضان تملأ صدر المسلم، فيقف على بوابات الخير المفتحة في هذا الشهر، مما يجعله لا يترقب قدومه فحسب، بل يتلهف إليه تلهف الحبيب إلى حبيبه! دأب السلف الصالح في ذلك، ومعلوم أن الجانب العاطفي ركن من ركنين في كل سلوك؛ هما المعرفي والعاطفي، ولا بد منهما كي يأتي السلوك ناضجاً متوهجاً... فالروح تهتز لشهر الروح، والقلب تتفتح أزهاره لربيع القلوب، والنفس ترنو إلى مراقي الملأ الأعلى، حيث سعت لتتشبه ببعض ما هم عليه...

خامساً : لا بد من إرادة جازمة عازمة، خططت لاستقبال الشهر، ووضعت برنامج عمل محدداً، لتملأ هذا الشهر بألوان القربات، إرادة تحدد مرتبة الصيام المنشود، أهو صيام العوام، حيث الإمساك عن المفطرات، وليس غير، أم هو صيام العارفين الصالحين، الذين عرفوا الصيام إلى جانب الإمساك عن المفطرات، صيانة جوارح من المخالفات، وكأنها قد صامت هي الأخرى عنها، وقلوبهم يؤخذ بنواصيها إلى رحاب الله_ز، حيث لا تأنس إلا بذكره، ولا ترجو إلا إياه، ولا تخشى مما سواه كائناً من كان، كيف؟ وهو الحي القيوم، بيده مقاليد السموات والأرض؟ سبحانه سبحانه ما أعظم شأنه!!!.

لعلي أطلت في هذا التقديم - مع أنها رسالة صغيرة - ولست نادماً على ذلك، لأن قضية الصيام لا تنحصر - كما هو فهم كثيرين - في ما الذي يفسد الصيام؟ وما الذي يكره فيه؟ وهذه الأحكام ضرورية، لكنها - وحدها - لا تحقق روح هذه العبادة الرائعة، التي هي دورة سنوية، ووجبة روحية فكرية سلوكية يتلقاها المسلم ليتغذى بها فيمده نسغها سنة كاملة...

الصفحات