كتاب " الجذور التاريخية للصراعات المعاصرة " ، تأليف د. عادل وديع فلسطين ، والذي صدر عن مكتبة مدبولي ، ومما جاء في مقدمة الكتاب :
أنت هنا
قراءة كتاب الجذور التاريخية للصراعات المعاصرة
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
التوراه
واجهت التوراه فى العالم الغربى موجة عاتيه من النقض والتشكيك فى بعض قصص العهد القديم ، وبدأت هذه الموجة مع نهاية القرن الثامن عشر . ومما ساعد على هذا التشكك الجهل بالعالم القديم والشعوب التى جاء ذكرها : مثل اكد – اراراط – الحوريين ... ومن هنا كان الظن بعدم واقعية الأحداث وأنها من خيال الشعب الاسرائيلى . ولكن مع تقدم البحث والتنقيب استطاع الإثريون أن يزيلوا التراب عن بعض المدن وبقايا حضارات وممالك قديمه ، مما أزاح الغموض عن هذه الشعوب وعقائدها وآلهتها ... كما ظهرت أسماء ملوك وممالك قديمه لم تذكر من قبل إلا فى العهد القديم . كما اُزيح النقاب عن أسرار حروب وزلازل حدثت فى تلك الأماكن. وبتقدم الدراسات ظهرت قيمة الطوب الأثرى وقطع الخزف والفخار .. كما تمت دراسة الأسلحة والأدوات والأثاث الجنائزى .. ومع ظهور علماء عظام مثل (بيترى) فى مصر وفلسطين و (لايارد) فى العراق أمكن تحديد الفترات الزمنيه وتتبع تاريخ الشعوب فى العهد القديم. ثم تم أكتشاف حجر رشيد بواسطة شمبليون وأمكن معرفة اللغة المصرية القديمة .. وكذلك بإكتشاف حروف اللغة البابلية القديمة وفك رموز الخط المسمارى بواسطة رولنسون (1810 – 1895) .. وبفك الرموز والطلاسم تمكن العلماء من دراسة النقوش على الحوائط أو الخزف أو التى سُجِلَتْ على أوراق البردى والرقائق.
وهكذا أعطت دراسة العلماء المفتاح لمحاولة لتصحيح وضبط سنوات التاريخ . وبدراسة الطبقات المتعاقبة فى مجال الحفر .. حل بترى سر هذه التلال المنتشرة فى الشرق الأدنى وفك غموضها وتوصل إلى أنها بقايا مدن قديمه تعاقبت على شكل طبقات بنيت الواحدة فوق الأخرى التى سبقتها وتم تدميرها وإحراقها "وأحرق يشوع (عاى) وجعلها تلاً أبدياً خراباً إلى هذا اليوم" يشوع 8: 28 .
أما لينارد وولى (1880 – 1960) فإهتم بدراسة أراضى مابين النهرين ، فإكتشف مدينة أور الكلدانيين موطن ابراهيم وأكتشف المقابر الملكية الغنية بكنوزها وجواهرها مما أظهر عراقة وحضارة تلك المنطقه التى نشأ فيها ابراهيم . كما تتبع (وولى) راسباً من الطمى نَسَبَة إلى الطوفان الذى كان متزامناً مع طوفان نوح.
*كما أكتشف الأثريون:
• حجر مؤاب ويحوى 34 سطراً تحكى قصة حرب ميشع ملك مؤاب مع يهورام ملك اسرائيل وهو نص ورد فى ملوك 3: 6-27 .
• كذلك أكتشف العلماء أطلال مدينتى فيثوم ورعمسيس اللتين بناهما اليهود لفرعون وقد وردتا فى سفر حزقيال (1 : 11) ولم يعثر عليهما الا فى عام 1884م.
• صخرة كردستان وعليها نقوش تحكى قصة داريوس ملك فارس.
• مسلة شلمناصر ملك آشور وفيها يبدو هوشع ملك اسرائيل خاضعاً يقدم له الجزية (ملوك ثانى 17 : 30).
• أطلال نينوى القديمة حيث قصور ملوك آشور – مع كتابات تطابق ما لدينا من معلومات.
• أطلال أريحا التى أحرقها يشوع وتبدو مبانيها محروقه بالنار.
وقد ذكرت البرديات التى عثر عليها مثلاً فى جزيرة ألفنتين فى أسوان وترجع إلى القرن الخامس قبل الميلاد .. أنها كانت موطناً لجماعه يهودية فى ذلك التاريخ . وفيها أسماء من ذلك الزمان مثل يوحنا الكاهن (نحميا 12: 22)، وأبناء سنبلط (نحميا 2 : 10) وابن جشم العربى والذى وجد منقوشاً على وعاء فضى (نح 2 : 19).
كما أن هناك أسماء كثيره سجلها المصريون القدماء فى آثارهم وهى مذكوره فى الكتاب المقدس مثل طيبه وأمون "ناحوم (3 : 8) وإرميا (46 : 25)" وكذلك أون (خروج 30: 17)، وبيت شمس (أرميا 43: 13) وجاسان وأسوان (حزقيال 29 : 10) وصوعن (عدد 13: 22)، وكان أول ذكْر لكلمة اسرائيل بين آثار الفراعنه منقوشاً على نصب مرنبتاح (1224 ق – م).
وفى بعض الأحيان تكون الاكتشافات لها صلة مباشره بالأحداث فى التوراه حيث نجد مثلاً الموضع ذاته وتسجيلاً لأوصافه ، بذلك ترسم لنا ملامح ذلك الزمن والمثال اكتشاف بيوت فى (اور) لها أكثر من طابق ترجع لعصر ابراهيم واكتشاف بيت من عصر اليشع النبى به خوان وسراج.
أما المثير حقاً فهى الرسوم والنقوش التى تعطى صورة للملابس والمظهر العام لهذه الشعوب .. ففى مصر كانت الملابس من الكتان بيضاء اللون .. أما فى سوريا وكذلك فى فلسطين فكانت الملابس تناسب الأجواء الباردة فكانت من صوف الغنم ويلبسون فى أقدامهم صنادل من الجلد.
وكان الجنود العبرانيون يلبسون مآزر ومِنْطَقة فيها السيف ولباس رأس مدبب كما فى صورتهم على مسلة شملمناصر الثالث . أما الفلسطينيون وخاصة الجنود فكانوا حليقى الرؤوس فوقها خوذة لها تاج من الجلد أو الريش أو شعر الخيل.
أما الأشوريون والبابليون ذوو الامبراطوريات العظيمة ، فكانوا يرتدون الملابس الثقيلة الملونة ويصففون شعورهم بمثبتات حديديه . ويظهر المصور جيش أشور ورامى القوس الذى يلبس خوذة وصديريه ويحمل سيفاً فى غمده ويتبعه حامل الدرع المصنوع من البوص المجدول.
ومن الرسوم على جدران القصر الملكى فى شوشن (صوصا) (اس :1) هناك صورة لفصيلة من الحرس الفارسى بملابس فخمة وزاهية ويمسكون حراباً فى أسفلها رمانه من الذهب.
كان الإسرائيليون قديماً يحلقون شعورهم (اشعياء 7 : 2 ، خروج 5 : 1 ) أو يطلقونها لنذر (قضاه 13 : 5) ويطلقون لحاهم . (حزقيال 14: 20) . أما عن استخدام المرآه والأساور والخواتم فقد جاء فى العهد القديم تك 24: 20 اشعياء 3 : 19 ، حزقيال 16 : 11 ، صموئيل الثانى 1 : 10 كما أخذ الاسرائيليون من المصريين الذهب والفضة واستخدموها فى تجميل خيمة الاجتماع ، (حيث تقام الصلوات ) خروج 35: 20 .
وكان أهل الشرق يجلسون على الأرض المفروشة وكذلك العبرانيون مثلهم لكن الأغنياء كانوا يتكئون على أسِّره (عاموس 4: 10) وكانت توجد عروشُ ً للملوك (امل 2 : 12) – وكان سليمان الملك يجلس على عرش من العاج مغطى بالذهب (1 ملوك 1 : 18 - 20).
أما عن صور المعارك فى العهد القديم ، فقد كشفت الأثار عن أنواع كثيره من التروس والدروع والسيوف والسهام والمقلاع وغيرها من الأسلحة القديمه (صموئيل 1 :17) ، (ملوك أول 10 : 16) ، (حزقيال 27: 10) وعن بدء دخول العربات كسلاح مركبات فى المعارك (قضاه 4 : 13) – ومن الرسوم الجدارية تظهر كيفية أقتحام الاسوار المحيطه بالمدن.
كل هذه الشواهد السابقة تعطى مصداقيه لتفاصيل الحياه والأحداث فى العهد القديم . والتأمل فى هذه الصور يجعل قارىء التوراة يعيش فى أجواء العصور القديمة ويتعايش مع أحداثها.