كتاب " سقوط عرش الطاووس " ، تأليف د. حقي شفيق صالح ، والذي صدر عن مكتبة مدبولي ، ومما جاء في مقدمة الكتاب :
أنت هنا
قراءة كتاب سقوط عرش الطاووس
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
سياسة رضا شاه الداخلية
تعد السياسة الداخلية التي إتبعها رضا شاه بعد إنتخابه شاهاً لإيران إمتداداً لسياسته عندما كان رئيساً للوزراء من خلال المواقع القوية التي كان يحتلها ، ولاسيما وزارة الحربية ، ولهذا فإن القضاء على نفوذ الأقاليم وإستمراره في هذه السياسة يعد من أبرز نشاطاته الداخلية والتي ساعدته بعدئذ على تحقيق سياسته الخارجية ولاسيما عندما حاول القضاء على الإمتيازات الأجنبية ونجح نسبياً فيها ، وقارع شركة النفط الإنجلو فارسية ووجد أن مشاكل إيران الداخلية متصلة إتصالاً وثيقاً بسياستها الخارجية ، وقد أدرك أن وجود النفوذين البريطاني والسوفيتي في إيران قد ساعدا على إضعاف الدولة القاجارية ، ولذلك حاول إضعاف هذين النفوذين ، ولكي يعزز رضا شاه عرشه كان عليه "أن يفضي على نفسه نوعاً من الشرعية تحل محل شرعية المولد"([26]) .
لقد رشحه ذلك ليؤدي دور الرجل الأول في إيران ([27]) ، فعاد إلى الوراء في تاريخ إيران ، إلى ما قبل أسرة القاجار الذين خلفهم وإتخذ لقب "بهلوي" للأسرة التي كان يأمل في تأسيسها ، وحول بعد ذلك إسم البلاد من فارس إلى إيران([28]) .
بدأ رضا شاه عهده محاولاً إجراء تحسينات عديدة في كافة النواحي وقد ركز على قسم منها وأعطاها أهمية كبيرة مثل زيادة قوة المؤسسة العسكرية وأعطى القضايا الأخرى نسبة أقل من الإهتمام مثل القضايا الإقتصادية والثقافية والإجتماعية وقد ركز بالدرجة الأساس على تقوية سيطرة الدولة على المجتمع الإيراني في كافة مجالاته . ولم تكن الأمور سهلة فلقد كانت تركة الحكم القاجاري ثقيلة وأغلب جوانبها مرتبكة ، وكان له أعداء كثيرون ، ومن برامج سياسته الداخلية أنه عمل الكثير في كافة المجالات التي أتيحت له سواءً قبل توليه وزارة الحربية أو بعدها أو عندما أصبح رئيساً للوزراء أو شاهاً .
ويبدو أنه كان متأثراً بجاره كمال أتاتورك في تحويل تركيا إلى دولة معاصرة ([29]) ، وقد كان مخطئاً في هذا الإتجاه المتطرف بسبب الفوارق الجغرافية والتاريخية والجيوبوليتيكية والإجتماعية والعسكرية والسياسية والثقافية بين تركيا وإيران والتي لم تكن في صالح الأخيرة ، وقد رأى أن إيران بلاد واسعة ومترامية الأطراف ، ومسالكها تعوقها الجبال والتلال والهضاب الواسعة ، والصحارى القاحلة ، فشيد بعض الطرق الحديثة وحاول تنظيم الموانئ ، وإهتم بالمطارات والمواصلات الجوية ([30]) . وأولى السكك الحديدية بعض الأهمية ، فأنشأ شبكة تمتد من شمال البلاد إلى جنوبها ، وكان ذلك بدوافع عسكرية وإقتصادية ، فربط المقاطعات ولاسيما البعيدة عن العاصمة ليقوي من قبضة السلطة المركزية عليها ، ويسهل تحركات الجيش في تلك المناطق ([31]) . وكان الهدف الأهم للشاه إضعاف الصلات التجارية بين مناطق الشمال الإيراني المحتل دوماً من روسيا بحقب متلاحقة ومتقطعة مما جعله سوقاً دائمية ومفتوحة للتجارة مع الجارة الشمالية ([32]) .
وقد وجد رضا شاه أن أحلامه في إنجاز شيء يختلف عن العهد القاجاري ولابد أن يكون لها إقتصاد يعينه على السلطة فإعتمد على الضرائب بدلاً من القروض الخارجية ، ومن هذا المنطلق إتخذ عدة خطوات لدفع الوضع الإقتصادي للبلاد بإتجاه مختلف ، وفي مجال الزراعة التي ظلت تشكل العمود الفقري للإقتصاد الإيراني طوال عدة قرون ، حاول رضا شاه إرضاء الفلاحين وبالتالي محاولة زيادة الإنتاج الزراعي بإصدار عدة قوانين لهذا الغرض . بيد أن العلاقات شبه الإقطاعية ظلت تسود القرية الإيرانية ، وخدمت تلك القوانين مصالح كبار الملاكين بالدرجة الأولى ([33]) ، وعلى الرغم من أن رضا شاه وجه ضربات إلى بعض العناصر المعارضة له فإنه في الوقت نفسه وزع مساحات واسعة من الأراضي الزراعية على أنصاره الذين شكلوا قاعدة النظام الجديد ([34]) .
ويبدو أنه في عام 1930 تم تأسيس قسم زراعي في المصرف الوطني تبعها تأسيس المصرف الزراعي عام 1931 ([35]) .