كتاب " سيكولوجية الروحانية " ، تأليف د. حسين ب دانش ، ترجمة د.
أنت هنا
قراءة كتاب سيكولوجية الروحانية
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
عزيزنا القارئ ...
ما أجمل أن تقرأ كتاباً أو تنظر مشهداً يثير فيك الشجون والأفكار ويضعك في مَسرّة غامرة ويسرح بك في التفكير والتأمل فتشعر بالراحة لأنه يروي عطشك في تساؤلات كثيرة. وتزداد شعوراً بنشوة الفرح وأنت تشارك الآخرين بمصدر هذه السعادة. هذا ما مررنا به ونحن نعدّ هذا العمل المتواضع لنضعه بين يدي قرائنا الأعزاء.
لدى مطالعتنا كتاب الأستاذ الدكتور حسين دانش "سيكولوجية الروحانية" باللغة الإنكليزية شدّتنا مواضيعه التي تهم كل فرد في حياته وسلوكه ومفاهيمه. لمسنا عُمق أفكاره وتحليلاته التي لم تنطلق من النظريات والأفكار والمدارس الفلسفية فحسب، بل من نتاج تجاربه العملية كطبيب معالج وأستاذ باحث ومفكّر عميق في معالجاته النفسية وبراعته في ربط الأسباب بجهل الإنسان بحقيقته الروحانية التي تشكل جوهر وجوده. وما يزيد الكتاب قيمة استغراق الكاتب بإيمانه الراسخ بعظمة الخالق وما خَلَق وعلى رأسه الإنسان الذي أودع فيه خصاله تعالى في رتبة الإنسانية، ومنحه القدرة على إظهارها لعالم الوجود، مطلقاً العنان لروحه في الترقي إلى أعلى درجات الكمال بفضل فيض تعالميه التي لا تنقطع المنزّلة على رسله وأنبيائه. لقد أفلح الكاتب في اصطحاب قارئه في رحلة داخل النفس البشرية ليتعرف الإنسان على ذاته ومكنوناتها وقيمة نفسه وقدراتها وقواه الروحانية وعظمتها والتي بها معاً بمقدوره أن يواجه تحديات الحياة ليعيش في راحة نسبية بنفس متكاملة الجوانب.
من سياق الكتاب يُفهم أن البشرية بشكل عام تمرّ في مراحل دورات حياتها كما يمرّ الإنسان في مراحل حياته من رضاعة وطفولة ومراهقة وبلوغ ونضج، وأنها الآن تودّع مرحلة مراهقتها التي اتّسمت بالطيش والعنفوان والتعنُّت والصراعات المدمّرة والحروب الدموية في غياب الفضائل التي غارت في مستنقع المادية البغيض، ويبدو أن ما نمرّ به الآن إنْ هو إلا تلك الظلمة الحالكة التي تسبق طلوع فجر الوعي الإنساني نحو الوفاق والوحدة والإتحاد وحلّ المعضلات العالمية بالحوار والمنطق المجبول بخشية الله والرجوع إلى فضائله مستفيدة من تجارب الماضي التي كانت مزيجاً من الآلام المريرة تارة والآمال المُبهِجة تارة أخرى لتنهض من جديد بكل ثقة فتخطط لمستقبل زاهر تتأسس فيه حضارة إنسانية تتوازن فيها المدنية المادية والترقّي الروحاني في ظل تعاليم الحق وقِِيَمه في عالم واحد تتحد فيه الرُّؤى والأهداف حتى ينعُم بالسلام والطمأنينة والمحبة والوئام.
سعينا جاهدين إلى فهم مادة الكتاب والغوص عميقاً في ما ترمي إليه حتى ننقلها إلى العربية بصدق وأمانة، الأمر الذي لم يكن سهلاً. فإلى جانب الإصطلاحات الطبية والعلمية باللغة الإنكليزية كنا نجد عدة معانٍ ومدلولات لكلمة واحدة. كان مرجعنا المعجم العلمي والطبي الرسمي لمنظمة الصحة العالمية، ومع ذلك اضطررنا أحياناً إلى استعمال الكلمة بلفظها الإنكليزي باعتبار أنه مألوف ومعروف. ومن الكلمات التي دلت على عدة معانٍ (consciousness) وعرّفناها أحياناً بـ "الوعي" أو "الإدراك"، ثم كلمتا (self)، (soul) حيث أشرنا إليهما بـ "الذات"، "النفس"، "الروح". وفي كل هذا توخّينا الدقة في الترجمة قدر المستطاع. ونأمل في سماحة القارئ فيما يمكن أن يجده من تقصير سوف نتلافاه في الطبعة القادمة بإذن الله بملاحظاته القيمة.
وكما كان الكتاب مصدر سعادة لنا أثناء ترجمته نأمل أن يُسَرّ به القارئ ويفيد منه مهما كانت خلفيته وعقيدته، لأن في قلب كل إنسان جوهرة أودعها الله لتضئ له درب بحثه عن الحقيقة إذا صانها من غبار الأوهام وأزاح عنها باستمرار سُحُب المفاهيم الخاطئة المتوارثة. فالإنسان فُطر على فطرة الله، وهو كتاب التكوين وفيه سرّ الوجود. هو وحده الذي يجمع العلوم المعرفية والمعرفة الإلهية وفضائل الروح الخلاقة المبدعة. وفيه تتجلى وَحْدَة الكون ووَحْدَة الوجود وبه تتحقق وَحْدَةُ العالم الإنساني ليتحقق حلم البشرية، على مرّ الدهور والعصور، في عصر تسوده المحبة والسلام.
د. نبيل مصطفى
مصطفى صبري