أنت هنا

قراءة كتاب التحولات التي أحدثها الإسلام في المجتمع الأفريقي

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
التحولات التي أحدثها الإسلام في المجتمع الأفريقي

التحولات التي أحدثها الإسلام في المجتمع الأفريقي

كتاب " التحولات التي أحدثها الإسلام في المجتمع الأفريقي " ، تأليف د. بشار أكرم الملاح ، والذي صدر عن

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
دار النشر: دار غيداء
الصفحة رقم: 5

كما تحدث بشكل جيد عن مملكة مالي على الرغم من أنه لم يسافر إليها، فكان وصفه لأحوال المملكة فريداً وغنياً بالمعلومات التاريخية، ويرجع سبب ذلك إلى اتصاله واستخباره لموظفي الدولة المصرية والتجار المصريين وغيرهم من الرجال الذين كان لهم احتكاك مباشر مع ملك مالي وحاشيته أيام مرورهم بالقاهرة في طريقهم إلى الحجاز للحج سنة 724هـ/1324م واصفاً المملكة وسكانها في بادئ الأمر، ثمَ أشار إلى وجود السحر فيها والذي كان يتحاكم الناس هناك بسببه، كما يذكر بعد ذلك جلوس السلطان في قصره بوصف دقيق وجميل، من خلال كلامه عن ملابسه وملابس حاشيته وخدمه.

إن المنهج الذي اتبعه المؤرخ العمري في كتابه يتمثل في التشابه في كلامه عن تلك الممالك، إلا أن الاختلاف كان يظهر في الإسهاب في تناول حضارة مملكة ما، والاختصار في تناول حضارة الأخرى.وإن كان ذلك يعود في المقام الأول لأهمية هذه المملكة عن تلك أو لتوفر المعلومات لمملكة عن مثيلاتها.وهو يبدأ بوصف الجغرافية السياسية للمملكة ثم يستكمل كلامه عن تلك المملكة.

ولم يكتف العمري بالتميز عن سابقيه في الحديث عن الوضع الاجتماعي لممالك بلاد السودان، بل عمل على وضع مقارنة بين تلك الممالك من حيث مسمياتها ومرتبات حكامها وموظفيها وأزياءهم.

ويقدم المؤرخ شمس الدين أبي عبد الله محمد بن عبد الله اللواتي الطنجي أبن بطوطة المتوفى سنة 779هـ في (كتابه تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار) معلومات جيدة عن بلاد السودان، تركزت في مجملها للحديث عن مدن الساحل الشرقي لأفريقيا وبالذات مدينة مقديشو في الجزء الثاني.

كما ركز المؤرخ في حديثه عن بلاد السودان على السودان الغربي، سارداً خلالها ما صادفه من أحداث في رحلته تلك، مبتدئاً من اللحظة التي دخل فيها الصحراء من مدينة سجلماسة وصولا إلى مدينة تغازى، والتي تحدث عنها قائلاً أن بيوتها مبنية من الملح لكثرته فيها، كما تحدث عن مأكل ومشرب سكان المدينة المتكون من لحوم الجمال، فضلاً عن التمر المجلوب من وادي درعة.

ويبدأ الحديث عن الجانب الاجتماعي للمنطقة لدى وصوله إلى مدينة أيوالاتن، والتي تبعد شهرين عن مدينة سجلماسة، إذ يشير إلى استقبال حاكمها أو كما تعني كلمة(فربا)نائب الحاكم، ويصف المؤرخ مجلس ذلك الحاكم ومدى تأثره بمجالس المسلمين في المغرب من خلال انتقال تلك المؤثرات إليه عن طريق بربر مسوفة الموجودين في بلاده.فقد شاهد أبن بطوطة ذلك الفربا وهو جالس على بساط داخل سقيف وأن اتباعه قد وقفوا خلفه وبأيديهم الرماح والقسي، كما يقف وراءه كبراء مسوفة، ولا يتكلم ذلك الحاكم مع التجار الوافدين ومنهم مؤرخنا أبن بطوطة إلا بترجمان.وهي حالة استخدمها حكام السودان حتى في الحالات التي كانوا يتقنون اللغة العربية، حيث يعدونها تشريفاً وكرامة لهم وقد استغربها أبن بطوطة وعدَها احتقاراً له ولمن هم بيض البشرة جميعاً.

ومن جانب آخر فقد ذكر أن انتساب القوم الساكنين في مدينة أيوالاتن يعود إلى الخال، إذ لا ينتسب أحد منهم إلى والده، ولا يرث الرجل المتوفى إلا أبناء أخته، ويستغرب ذلك الفعل من أناس مسلمون، ويقول أنه لم يشاهد تلك الأفعال إلا لدى كفار المليبار في الهند.كما يتحدث عن الحرية التي تتمتع بها النساء هناك لكونهن يخالطن الرجال، وإن اتخاذ الصواحب للرجال والأصدقاء بالنسبة للنساء أمر طبيعي. ويضرب مثالاً على ذلك، ما رآه عند قاضي المدينة من تواجد فتاة صغيرة السن تتسامر معه وهو قاضي.ويبدو أن استغراب أبن بطوطة قد جاء من كون المنطقة التي أتى منها محافظة على تعاليم الدين، وهي قديمة العهد بالإسلام مقارنة ببلاد السودان، والدخول الغير البعيد للإسلام فيه، كما أن طبيعة المنطقة الحارة واختلاط السكان فيما بينهم قد ساعد على ذلك، ويبدو أن ذلك الاختلاط من وجهة نظر السودان غير مُحرم لأنه لم يصل حد الزنا.

ويستطرد أبن بطوطة بعد ذلك في الكلام عن الجانب الاجتماعي من خلال كلامه عن الأواني المصنوعة من القرع، وكذلك الحلي الزجاجية التي ترتديها النساء هناك، والمجلوبة من بلاد المغرب بأيدي التجار الحاملين للملح.ثم يكمل كلامه ذاكراً المدن التي تربط بين ايوالاتن وصولاً إلى دولة مالي، ويتحدث عن الضيافة التي قام بها له قاضي المدينة عبد الرحمن فذكر أنه قد أرسل إليه بقرة للضيافة فضلاً عما بعثه الترجمان وبقية مستقبليه، كما يتحدث أبن بطوطة عن طعام دولة مالي، وتشابه معظمه مع طعام المغرب الإسلامي.

ومن الجدير بالذكر أن المؤرخ أبن بطوطة قد أفادنا كثيراً في وصفه الدقيق لمجلس السلطان وقصره في دولة مالي والمدن الساحلية التي زارها كمقديشو وكلوة، وتحدث عن حكامها بإسهاب وعن ملابسهم واحتفالاتهم بأعياد الفطر والأضحى، والحديث عن حرسهم وجندهم ككل، مما ساعد في رسم صورة واضحة عن بلاطات أولئك الحكام، كما يذكر العديد من أفعالهم وعاداتهم الحسنة والسيئة منتقداً ما كان يتنافى مع الشريعة الإسلامية.

إن مؤلف أبن بطوطة المسمى الرحلة كتاب قيًم قد أفاد الأطروحة في أغلب فصولها، رغم ما فيه من مبالغات وتناقضات.

ويأتي كتاب (العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر) للمؤرخ عبد الرحمن بن محمد بن خلدون المتوفى سنة 808هـ/1405م ليتحدث عن بلاد السودان بشكل سريع وغير متكامل، وعلى الرغم من عدم زيارته للمنطقة إلا أنه أعتمد الدقة في الحصول على المعلومات من خلال لقائه بفقيه من أهل غانة، واستعانته به في تحقيق الأحداث والأسماء.

أما معلوماته عن مملكة مالي فكانت قليلة وشفوية، بسبب عدم معرفته بالمنطقة من الناحية الجغرافية والبشرية ما جعله عاجزاً عن التحكم في تلك المعلومات أو التصرف فيها بحسه التأريخي المعهود، وهذا ما يفسر التزامه الحرفي بألفاظ مخبريه، وصياغته للأحداث بوتيرة متسارعة وكأنًه يودً التخلص من موضوع لا يريد أن يُتهم فيه بالتطفل، وابتداع الأوهام.

وكان للمؤرخ أحمد بن علي القلقشندي المتوفى سنة 821هـ/1418م في كتابه (صبح الأعشى في صناعة الأنشا) دور فاعل في الحديث عن مدن بلاد السودان وبيان أوضاعها الاجتماعية، إلا أن الشيء الذي يظهر جلياً في كتابه هو نقله الكثير والمستمر للمعلومات عمن سبقه من المؤرخين، فقد نقل معلومات كتابه عن كتاب مسالك الإبصار لأبن فضل الله العمري، وكتاب تقويم البلدان. ففي بداية حديثه تحدث عن بلاد البجة وبلاد النوبة، مشيراً إلى طعامهم وشرابهم، وإلى حدود تلك المدن وما يجاورها من أقاليم، كما يشير في كتابه أيضاً إلى دول السودان الأوسط والغربي كالبرنو والكانم، ودولة مالي، إلا أنه لا يتحدث عن الجانب الاجتماعي فيهما سوى إشارات بسيطة عن ملابس السكان ولهذا السبب كانت الإفادة منه قليلة إذا ما قورنت بالمعلومات التي جاء بها أبن فضل الله العمري.

وكان لكتاب (المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار) للمؤرخ أحمد بن علي بن عبد القادر المقريزي المتوفى سنة 845هـ/1441م دور واضح في أغناء المادة التي تكلمت عن بلاد البجة وشعبها، الذي عده المؤلف من المغاربة في بداية حديثه، وأشار إلى ديانة، وعادات وتقاليد ذلك الشعب قبل إسلامهم، فضلاً عن تحدثه كسابقيه عن كثرة الأفاعي في بلاد السودان وما لها من أثر في حياة السكان.

كما تناول شعب النوبة وتقاليده والمعاهدات التي عُقدت بينهم وبين المسلمين والأثر الذي تركته تلك المعاهدات على الأوضاع الاجتماعية للبلاد، فضلاً عن إشارته إلى الديانة النصرانية في المنطقة. إلا أن ما يؤخذ على كتاب المواعظ هو عدم تناوله للكثير من المدن، وكذلك عدم اعتماده على من سبقه من المؤرخين والجغرافيين المسلمين في كتاباتهم التي ضمت الكثير من المعلومات كالادريسي والعمري مثلاً.

ويعد كتاب (تاريخ الفتاش في أخبار البلدان والجيوش وأكابر الناس) لمؤلفه القاضي محمود كعت المتوفى سنة 936هـ/1259م وكتاب (تاريخ السودان) للشيخ عبد الرحمن بن عبد الله بن عمران بن عامر السعدي المتوفى سنة 1066هـ / 1655م واللذان تناولا مملكة سنغاي في السودان الغربي بشكل مُركَز متحدثين عن نشوئها، ومن ثَم تأريخها في عهد الاسكيا الحاج محمد ومن تبعه من الحكام، وتأتي أهمية هذين الكتابين من أن مؤلفيهما من أبناء المنطقة وعاصرا كثيراً من أحداثهما، إلا أن ما يؤخذ عليهما التركيز على شخصية الاسكيا الحاج محمد (898-934هـ/1493-1528م)، والتي احتلت مكانة بارزة في المصنفين إلى درجة يمكن معها اعتبار تأريخ الفتاش وتاريخ السودان، مؤلفين في ترجمة ذلك الحاكم.

كما يؤخذ عليهما أنهما جاءا متأخرين عن المدة الزمنية للبحث وكثيراً ما طغت عليهما الروايات الشفوية ذات السمة الأدبية مما جعل الكثير من تلك الروايات عرضة للتزوير في أصولها وتأريخها نظراً لطول تداولها، ولهذا توجب على الباحث التعامل معها بحذر. وتدفعنا القراءة المتأنية لتاريخ الفتاش إلى الاقتناع بأن العديد من الروايات التي يطرحها ليست لصاحب التأليف الأصلي، ومن المرجح أنه ليس للمحققين يد في ذلك لأنهما اعتمدا على ما توافر لديهما من النسخ المخطوطة، ويمكن رصد عدد من المؤشرات التي تثير الشك ومنها: عدم ترابط فقرات الكتاب في الكثير من فقراته، والتكلف الفاضح لعدد من الجمل، وانعدام وحدة الأسلوب.

وعلى الرغم من مجهودات المستعربين في تحقيق المصنفين السودانيين واجتهادهم في فك الكثير من الألغاز التي تكتنفهما، بقي عملهم محدوداً بسبب استعمال المصدرين للكثير من المصطلحات السودانية والكلمات الدارجة التي يصعب فهمها، وترتًب على ذلك بقاء مجموعة من أسماء الأعلام والقبائل والألقاب والمواقع الجغرافية غامضة لدينا.

ورغم ذلك إلا أن الاعتماد على تلك المصادر أمر ضروري لاعتبارات عًدة أهمها أنهما يقربوننا من وجهة نظر السودانيين أنفسهم في ماضيهم وكيفية تصورهم لتأريخهم، الشيء الذي يساعد في مقاربة الذهنية السودانية بأقل السقطات، ونجد أن الأسطورة تشغل حيزاً هاماً في المصنفين السودانيين، إذ كثيراً ما تؤطر الأحداث التاريخية البارزة.

ويأتي المؤرخ الحسن بن محمد الفاسي الوزان المعروف بجان ليون الأفريقي المتوفى سنة 959هـ/1552م بمؤلفه المسمى (وصف أفريقيا) وفي جزأيه الأول والثاني ليتحدث عن بلاد السودان ذاكراً بعض مدنه، ألا أنه تحدث بشكل مختصر عن المنطقة قياساً لما أفرده من صفحات حديثه عن بقية مناطق القارة الأفريقية، وتناول في جزئه الأول المقسوم إلى قسمين، الأول تحدث فيه عن أفريقيا كقارة مبيناً حدودها وأقسامها واضعاً بلاد السودان في القسم الرابع، ثم حدد بعد ذلك الممالك الموجودة فيها، إلا أنه ركز على الممالك الخمسة عشرة التي زارها، محدداً بعد ذلك أصل الأفارقة ومنهم السودان والذين ينسبهم إلى كوش بن حام بن نوح عليه السلام. ثم تحدث عن ديانة الأفارقة قبل إسلامهم. ثم يختم بالحديث عن صفاتهم المحمودة الحسنة، ومن ثًم السيئة إلا أن كلامه ذاك جاء مختصراً وبسيطاً.

وفي الجزء الثاني يتحدث المؤرخ الوزان عن بلاد السودان بشكل أوسع من جزئه الأول، إذ يشير إلى المنطقة في الباب السابع من ذلك الجزء مبتدئاً من مدينة ولاتة واصفاً السكان فيها وفي بقية المدن بأنهم كالبهائم في عيشهم لا ملوك لهم ولا أمراء ولا عادات لهم ولا تقاليد، وأنهم عراة بدون ملابس، وليس لأحد منهم امرأة خاصة في دلالة إلى انتشار الزنا.

وفيما يتعلق بملابس أهل ولاتة فيشير المؤرخ إلى أنهم يرتدون اللثام رجالاً ونساءً، ويؤكد أن عاداتهم وتقاليدهم هي نفس عادات وتقاليد جيرانهم في الصحراء، كما يتحدث عن مدينة جيني والتي يطلق عليها وكما سماها البرتغالييون غينيا ذاكراً إرتداء سكانها اللثام، وبعد ذلك يتناول الكتاب مملكة مالي كما يسميها، محدداً حدودها، ثم يتناول مدينة تنبكتو والتي بناها منسا سليمان سنة(610هـ).

الصفحات