كتاب " القيم في الفكر التربوي والإسلامي " ، تأليف د.
أنت هنا
قراءة كتاب القيم في الفكر التربوي والإسلامي
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
المقدمة
إن المرحلة التي يمر بها مجتمعنا العربي الإسلامي بشكل عام وما يصاحبها من ظروف ومستجدات ومتغيرات بشكل متسارع أصبح اللحاق بها يكاد تشبه المستحيل وان هذه التطورات التي تعرض لها افراد المجتمع العراقي نتيجة الاحتلال الامريكي الغاشم والتي كان من نتائجها اختلال منظومة القيم لديهم وطغيان القيم المادية بدل القيم الروحية وإخلال الموازنة بين القيم الفردية والجماعية وإبراز القيم الفردية وهي قيم غربية تهدد مستقبل الانسان العربي المسلم والمجتمع الإسلامي بسبب اهمالها للجانب الروحي والاخلاقي واضطراب المعايير الاجتماعية والاخلاقية وكثرة حالات الخروج على تعاليم الدين الحنيف .
ان التحولات التي حدثت في مجتمعنا ادت الى تغيرات عميقة في البنى الاجتماعية وفي نوعية العلاقات التي تؤلف انسجة المجتمع المتباينة مما أحدث تغيرا في القيم والسلوك والمواقف ، والاخطر من هذا كله اذا ما نظرنا الى الاتجاهات الغالبة المحلية والعالمية ، يمكننا القول بان السلوك الانساني ، وفي ايامنا هذه ، يبدو وكأنه يبتعد عن القيم الاصيلة او يتنكر لها او ينكرها بكل وعي وبكل سهولة تفكيرا او ممارسة وشعورا واعلاما وتلفزة ومعلوماتية . ويمثل هذا الابتعاد في الاتجاه نحو قطبين متناقضين هما:
اولا: اما التمرد على هذه القيم ، والافلات من الحدود والقواعد والمعايير كلها في مستوياتها الدنيا على الاقل ، وكذلك الفوضى في علاقات الانسان مع الله وفي العلاقات العائلية والاجتماعية .
والثاني: التعصب لهذه القيم والتمسك بها روتينيا وتقليديا وخطأ من دون تنوير او معرفة كافية او سعي وراء تحقيقه او نقد موضوعي . فكلا القطبان يكسب الجولات ، كل من جهته على حساب الاخلاق والحرية والشخصية المثقفة الواعية والتنمية الاجتماعية المتكاملة .
ان العقيدة الصحيحة ضعفت وتوارت تحت ركام الفساد الاخلاقي والمادي في التصور والسلوك ، فالقيم الاسلامية فرغت من مضامينها الاخلاقية وانحرفت في حس الاجيال المعاصرة ولم يعد شيء منها يشبه اصله الذي كان عليه يوم نزل هذا الدين من عند الله ، فضلا عن ذلك فان حياة الناس قد خلت من الروح واصبحت الحياة كلها تقاليد موروثة اكثر ما هي عبادة واعية لله او منهج مترابط يحكم الحياة .
اننا ما نقراءه ونشاهده ونسمعه في حياة مجتمعنا اليومية من مظاهر لمساوئ وعيوب ناتجة عن ضعف التمسك بالقيم الانسانية وبفضائل الاخلاق وفي التبذل والتملك وراء شهوات حب الدنيا مما يصدر في اغلب الاحوال من ضعف العقيدة الدينية ونقص الوازع الديني .
لقد ابتلت امتنا الاسلامية بلاءاُ عظيما من قبل الاستعمار الجديد القائم على القوة الغاشمة والمناقض للقيم الإنسانية بما رسخ من التجزئة والتخلف وبما استلب من الثروات واستهانته بالمقدرات وبما عطل من نهضات ولتحقيق هذا الهدف عملوا على استثمار وسائل متنوعة من فضائيات وصحافة وانترنيت وسائل اتصال اخرى وسخروها الى اقصى غاياتها لنشر الفساد واغلال الخلقي كأهانة المرأة واستغلالها في عرضهم لتحقيق مآربهم وتميع الروح الجهادية القتالية والانجرار وراء المغريات المادية وهم يبغون من وراء ذلك اعداد جيل من الشباب في مجتمعنا لا يعرف الصلة بالله ولا يريد ان يعرفها .
ان بقائنا يتوقف على ركيزتيين اساسيتين هما العقيدة الاسلامية والاخلاق المبنية على هذه العقيدة وبينهما وثائق وعرى فان ضيعنا العقيدة الاسلامية ، فقد ضيعنا كل شيء وان ضيعنا اخلاقنا الاسلامية ، فقد عرضنا عقيدتنا الاسلامية الى الضياع .
ومن هنا يرى الباحثون الحاجة الملحة لمعالجة مشكلة ( ازمة القيم ) والتي تفرضها متطلبات بناء الفرد والمجتمع بشكل متوازن ومتماسك على ضوء التغيرات والاحداث ، وان ( ازمة القيم ) تتطلب مواجهتها بالوسائل كافة وتحصين النشئ الجديد بالقيم الخلقية المستمدة من القران الكريم والسنة النبوية السمحاء وترسيخها في نفوسهم . وتبصير التربويين بالقيم الاخلاقية التي يحتاجها مجتمعنا المعاصر وتغريزها وتنميتها وان مستقبل مجتمعنا يتوقف على التربية الاخلاقية التي يعدون بها ابنائهم اخلاقيا فهي ضابطة ومحدودة وموجهة لسلوك ابناءه نحو مستقبل افضل وهي تحفظ للمجتمع استقراره وكيانه بمساعدته على مواجهة التغيرات التي تحدث فيه من خلال تحديد الاختيارات الصحيحة التي تسهل حياة الفرد المجتمع . آخذين بنظر الاعتبار التغيرات التي يشهدها عالمنا اليوم .