قراءة كتاب في البدء كانت الحرية

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
في البدء كانت الحرية

في البدء كانت الحرية

كتاب" في البدء كانت الحرية " ، تأليف شريف رزق ، والذي صدر عن مؤسسة شمس للنشر والاعلام ، ومما جاء في مقدمة الكتاب :

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
الصفحة رقم: 2

في البدء كانت الحرية

دائمًا ما نتساءل عن أهم ما في الحياة، والإجابات كثيرة ومتعددة، والتفسيرات تختلف من فردٍ لآخر، ومن مجتمعٍ لآخر، ومن زمنٍ لآخر، ومهما أُحاول أنْ أُفسر تلك الأشياء، فدائمًا ما أجد أنَّ الحُرِّية هي القيمة الأهم في تلك الحياة، الحُرِّية بمعناها الشامل غير المحدود، فالحُرِّية هي الحياة، دون الحُرِّية تصبح الحياة والموت متشابهين، وتتسم الحُرِّية باللامحدودية، وهنا تكمن إشكالية تدور حولها كثير من المشاحنات، وحتى الآن سوف نجد فكرة الحُرِّية مسار جدل في كل مكان، ولا نستطيع أنْ نتوقع أنْ تقلَّ حدة الحوار والجدل حول فكرة الحُرِّية.

إنَّ فكرة اللامحدودية هي أصل فكرة الحُرِّية، فلا توجد حرية حين تُكبل بالقيود، ومهما حاول الكثيرون تقييد الحُرِّية فلن يفلحوا، والحُرِّية ليستْ بالسهولة التي قد يتخيلها البعض، قد تحيا في مجتمعٍ ديمقراطي، وأنتَ مفتقد للحرية كفردٍ، وقد تستمتع بالحُرِّية كفردٍ، وأنتَ في مجتمعٍ ديكتاتوري، ومع ذلك فإنَّ المجتمعات التي تتوفر بها الحريات الفردية، تظل مجتمعات إنمائية وقوية ومدعِمة للفرد في كل مكانٍ.

أسئلة كثيرة تطرحها فكرة الحُرِّية، والإجابات نفسها تطرح أسئلة جديدة، ووجود أسئلة هو أحد أشكال النمو المستمر للمجتمعات، فوجود إجابات محددة سلفًا ينتفي معها وجود حقيقي للحرية، فالحياة بالأساس حالة من التساؤل المستمر المؤدي بالضرورة للحراك الواجب حدوثه في المجتمعات.

إنَّ القيام بأي نشاطٍ حياتي، يستلزم معه وجود حرية مُطلقة حتى يتم بنجاح وموضوعية، إذا أردتَ مثلًا أنْ تبحث في أي حقيقة تاريخية، فعليكَ التسلُّح بعددٍ من الحريات:

أولًا: حرية البحث، وهذا حق أصيل لكل البشر، وأحد الأركان الأساسية للمعرفة الحقيقية، وليس هذا في حد ذاته هو الأهم، وإنما التحرر من كل الأفكار المسبقة والأنماط الجاهزة، وهذا هو العامل الأساسي في نجاح البحث التاريخي، فعند قيام باحث تُركي بالبحث في مذابح الإبادة العِرقية للأرمن لعددٍ يتراوح بين مليون إلى مليون ونصف أرمني، فهذا الباحث عليه التجرُّد والتحرر تمامًا من كل المشاعر الوطنية حتى يتعامل مع تلك الأحداث التاريخية بحيادٍ تام، فالبحث الموضوعي يتطلب الحياد التام، والحياد يتطلب الحُرِّية المطلقة.

ثانيًا: حرية الاعتقاد، والاختيار، والسفر، والزواج، والشراء، والامتلاك، ولو تعاملنا مع الفكرة بجدية سوف ندرك مدى توغلها، وتداخلها في كافة مناحي الحياة.

وهنا أجد أنَّ علي القول بأنَّ الحُرِّية هي الحياة، فنحن نحيا بفخرٍ حين نشعر أننا مسئولون تمامًا عن اختياراتنا في الحياة، ونشعر بانتماءٍ لذواتنا حين يكون مصيرنا بأيدينا، فالإحساس بالحُرِّية هو المُحرِّك الأساسي للنشاط الإنساني.

الصفحات