كتاب " كنز الحكايات " ، تأليف أحمد الحلي ، والذي صدر عن مؤسسة شمس للنشر والاعلام ، ومما جاء في مقدمة الكتا
أنت هنا
قراءة كتاب كنز الحكايات
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
ولام الأمير نفسه وقال: واحسرتاه ! لماذا تراني نسيت تحذير الطائر لي من أن لا أتحسر...
ثم أنه عاد إلى الغابات الجبلية واستطاع أن يصيد الطائر مرة أخرى، وفي الطريق قال الطائر: دعني أروي لك حكاية أخرى.. كان عند امرأة قطة مخلصة، وفي ذات يوم ذهبت المرأة إلى البئر لتجلب الماء، وقبل أن تخرج أوصت القطة أن تهتم بالطفل الذي في المهد، وعندما خرجت المرأة تمددت القطة بجانب المهد وأخذت تطرد الذباب والبعوض عنه، وسرعان ما خرج جرذ من وراء الباب وحاول أن يتسلل ويعض أذن الطفل، ولكن القط طرد الجرذ من الحجرة بسرعة.. وأثناء المطاردة جاء جرذ آخر وقطع أذن الطفل، فانفجر الطفل باكيًا من الألم، وعاد القط مسرعًا وأمسك بالجرذ الثاني وقتله، ثم جلس بجانب المهد مرة أخرى، وعادت الأم في تلك اللحظة، فوجدت القط يلعق الدم من أذن صغيرها، ولم تستطع السيطرة على غضبها وصاحت: أوصيتك أن تهتم بالطفل ولكنك اقتطعت أذنه أيها الشرير !... وأحضرت هراوة وراحت تضرب القط حتى مات، ولكنها عندما رأت الجرذ الميت وفي فمه أذن طفلها، أدركت مدى الخطأ الذي اقترفته، وانخرطت باكية...
فتنهد الأمير وقال: واحسرتاه ! يا له من قط مسكين !
وما أن تحسّر الأمير حتى انفلت الطائر وخفق بجناحيه وحلّق بعيدًا..
وعاد الأمير مرة ثانية إلى غابات الشمال البعيدة لمطاردته، وبالفعل استطاع أن يمسك به للمرة الثالثة، وعاد يسير في الطريق الملتوية، وحكى الطائرُ السحري له حكاية أخرى... في إحدى السنوات لم تمطر السماء أبدًا، وهرب من المجاعة أحد الأشخاص، كانت الشمس شديدة الحرارة، فشعر الرجل بظمأ شديد ولم يستطع المشي من شدة العطش فجلس تحت صخرة ناتئة من الجبل في انتظار الموت ليأتي ويأخذ روحه، ولكنه ما لبث أن سمع صوت قطرات تتساقط من أعلى وتقع قريبًا منه، فعادت إليه قوته من فرط فرحه وأمسك بالوعاء الذي كان يحمله واستطاع أن يجمع نصفه بالماء، وكان على وشك أن يشرب عندما انقض غرابٌ فجأة وضرب الوعاء بجناحه، فغضب الرجل غضبًا شديدًا وصاح: لقد رحمني ربي وأعطاني ماءً جمعته قطرة فقطرة ثم يأتي ذلك الغراب الشرير ويسفحه كله !.. وتناول حجرًا وركض وراء الغراب وضربه فقتله.. وصعد ليرى الغراب الميت فوجد ينبوعًا صغيرًا يخرج ماؤه من شق صخرة في الجبل، ففرح فرحًا شديدًا وشرب من الماء حتى ارتوى وعاد إلى مجلسه السابق، وتناول زوّادته، وكان على وشك أن يستأنف رحلته حين نظر إلى الأعلى ورأى أفعى كبيرة جدًا نائمة على قمة الصخرة وكان السم يقطر من فمها، فقال: آه ! إذن فقد كان الذي جمعته سُمًّا! وقد أنقذ الغراب حياتي... وبكى نادمًا على فعلته.
فصاح الأمير: واحسرتاه ! ياللغراب المسكين ! ضحَّى بحياته لإنقاذ قاتله !.
فقال الطائر: أراك تحسَّرتَ مرة أخرى... وحلَّق مبتعدًا.
قال الأمير: واحسرتاه حقًا ! فإن هذا الطائر أذكى من أن يكون معنا.
ثم عاد الأمير إلى بلاده...