كتاب " التعليم البيئي في رياض الأطفال " ، تأليف د.
أنت هنا
قراءة كتاب التعليم البيئي في رياض الأطفال
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
إن علم البيئة لم يلقى اهتمام من قبل المهتمين بتتبع العلوم ولم يزدهر إلا في الخمسينيات من القرن الماضي ولم تتبلور سماته كعلم مستقل له أسس وقواعد إلا في السبعينيات وكان على يد بعض علماء الجغرافيا والكيمياء والبيولوجيا، حيث قاموا بدراسة هذا العلم والتعرف على آثاره ومؤثراته وكيفية التعامل مع البيئة والتصدي لمشكلاتها بدراسة الحلول المناسبة لكل منها.
ومن هنا بات الاهتمام بالبيئة والمحافظة عليها مطلبا إنسانيا وحضاريا ملحا، لما له من صلة تتعلق بحياة الإنسان، ذلك إن أي ضرر يحدث في البيئة يشكل مصدر خطر على حياة الإنسان، وبفعل التطور الملحوظ في أوساط العيش الطبيعية والحضرية والريفية في شتى مجالات الحياة وخاصة بعد قيام الثورة الصناعية في أوربا، وما نتج عنها من انتشار المصانع على قطاع واسع، وقيام حركة الاستعمار التي ما هي في حقيقتها إلا البحث عن الموارد الأولية الداخلية في الصناعة، التي بدأت في الاستنزاف في المجتمعات الصناعية نتيجة لسوء الاستغلال، فبرزت مشكلات بيئية عديدة ، وأول مشكلة تواجهها البشرية في عصرنا الحاضر وتهدد حياتنا وحياة الكائنات الحية التي تعيش معنا على هذه الأرض هي نظرة الإنسان القاصرة اتجاه البيئة وخطأ أساليب التوجه نحوها فكانت نتيجة ذلك التوجه غير العقلاني استنزاف مواردها، وعدم التعرف على بعض مكوناتها، وقلة الحماية وتلوث المياه وتداول المفاهيم الخاطئة.
وهذا ما أكدته العديد من الدراسات ومنها (دراسة السعدي،1997) والتي أشارت إلى انعدام الوعي التام في بعض المجتمعات بمفاهيم البيئة والوعي البيئي، مما يؤثر على الاتجاه البيئي الايجابي لدى الناس.
وأما دراسة (الحفار، 1995) فقد أكدت إلى ضرورة تدارك مكونات حماية البيئة ودمج العناصر البيئية المؤثرة على مصادر الثروة الطبيعية في كل عمليات الخطط الإنمائية .
فقد أشارت دراسة (كوهين جلاس ،1977 ) إلى ضرورة الاهتمام بالوعي البيئي مشيرة في التعرض إلى الضوضاء العالية الشدة يسبب تحفيز في الخلايا وتضييق في الأوعية الدموية وارتفاع في ضغط الدم.
وضمن هذا الإطار أحس الإنسان بأن خطرا ما سوف يحدق به إذا لم يتمكن من إعادة العلاقة إلى حالتها الطبيعية بينه وبين مقومات البيئة والحد من تلك الآثار السيئة والتصدي لها مما يبرز ضرورة ملحة وعاجلة تتمثل في ضرورة تكوين وعي بيئي وأخلاق بيئية ومفاهيم بيئية.
فأن المواطن مدعو لاكتساب ممارسات يومية من منطلق موقعه بهدف المحافظة على البيئة وتدور هذه الممارسات حول التنقلات والاستهلاك اليومي والتخلص من الفضلات واستعمال الموارد غير المتجددة كالماء والكهرباء والنفط والغاز.
وقد أجمع الكثير من العلماء على إن التربية هي عملية تعني بالسلوك الإنساني وتنميته وتطويره وذلك لأن السلوك الإنساني ليس موروثا بل مكتسب يكتسبه الفرد من خبرات الجماعة التي يعيش معها وينصب الاهتمام هنا على تزويد الفرد بأنماط سلوكية تمكنه من التكيف مع المحيط الاجتماعي الذي يعيش فيه.
ومن هنا نلاحظ إن البيئة الجيدة وصون مواردها قضية تعني الجميع، كنتيجة لتفاقم تأثير الإنسان في بيئته، ووسط الاهتمام العالمي بالتربية البيئية لابد أن نبدأ بتنمية الوعي البيئي لدى الأطفال وتعويدهم على الممارسات السلوكية السلمية منذ نعومة أظفارهم حتى يصبح سلوكهم البيئي عادة وطبيعة وأسلوب عمل، لأن تفهم عناصر البيئة وظواهرها بأسلوب علمي يبعد الإنسان عن الخرافات والأساطير المختلفة وينمي لديه التفكير والاتجاهات العلمية لمواجهة المشكلات لذلك فلابد من تكوين سلوك بيئي للفرد على شكل خبرات اجتماعية يمارسها في حياته اليومية .
ومن هنا فالإنسان جزءا من الكون، الذي تكمل عناصره بعضها بعضا، ولكنه جزء متميز، وله موقع خاص بين أجزاء الكون وصلته بالكون هي:
- صلة التأمل والتفكير والاعتبار في الكون وما فيه.
- صلة الاستثمار المتوازن الحافظ والانتفاع والتعمير والتسخير لمنافعه ومصالحه.
- صلة العناية والرعاية،لان أعمال الإنسان الصالحة غير محدودة بمصلحة الإنسان وحده، بل تمتد إلى مصالح خلق الله أجمعين، فخير الناس انفعهم للناس.
وهنا لابد لنا من التعرف على المراحل التاريخية التي مر بها الإنسان في تعامله مع البيئة، وكما يلي:
مرحلة الجمع والالتقاط
في هذه المرحلة من التاريخ، كان الإنسان يسير هائما على وجهه بحثا عن الطعام، ولم يحتاج إلى قدرات أو مهارات عالية وكان تأثير البيئة على الإنسان أكثر من تأثير الإنسان في البيئة المحيطة به وذلك لبساطته وقلة تجاربه وخبراته.
مرحلة الصيد
في هذه المرحلة نجد إن الإنسان توقف عن التنقل والتجول وبدا في التأثير على بيئته واستطاع التكيف معها ، فبدا صناعة أدوات الصيد وتطويرها ،وثم اكتشاف النار واستخدامها في طهي اللحوم ومعرفة مخاطرها في تدمير البيئة ،وقد سكن الكهوف، واستطاع في هذه المرحلة تحديد العلاقة الحقيقية بينه وبين الكائنات الحية الأخرى.
مرحلة الزراعة
في هذه المرحلة بدا الإنسان التفكير في تامين ذاته وحيواناته غذائيا وفي دراسة الظواهر البيئية واستطاع تطويع الأحوال البيئية للحفاظ على زرعه وثروته الحيوانية، كما استخدم مياه الأنهار للري وجلود الحيوانات لصناعة الملابس وأقام المساكن والقرى واختراع آلات الحرث والري والحصاد، في هذه المرحلة نجد إن الإنسان بدا تأثيره بسيطا على بيئته.
مرحلة الثورة الصناعية
في هذه المرحلة استطاع الإنسان أن يستثمر موارد بيئته بشكل أفضل واستطاع أن يفرض سيطرته على البيئة، فمثلا حلت الآلة محل الإنسان في كثير من الأمور، وأصبح تأثير الإنسان واضحا على البيئة، مما كان لابد من ظهور بعض المشكلات البيئية ومنها التلوث.
مرحلة الثورة التكنولوجية
أصبح تأثير الإنسان واضحا على البيئة أكثر من المراحل السابقة، بفضل التقدم العلمي في كافة المجالات مثل تقدم الاتصالات وازدهار تبادل المعلومات واستخدام الطاقة الشمسية ومصادر الطاقة المختلفة في الصناعة ،مما كان لابد من ظهور بعض المشكلات البيئية ومنها التلوث، مما دفعه إلى إعادة النظر فيما يصنعه من دمار للكون فبدا بسن القوانين والتشريعات التي تحد من هذا الخطر الذي يهدد بقاءه.


