قراءة كتاب إسرائيل والقنبلة النووية

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
إسرائيل والقنبلة النووية

إسرائيل والقنبلة النووية

كتاب " إسرائيل والقنبلة النووية  " ، تأليف أفنر كوهن ، ترجمة بدر عقيلي ، والذي صدر عن

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
دار النشر: دار الجليل
الصفحة رقم: 5

ديفيد بن غوريون

قدم ديفيد بن غوريون إلى فلسطين عام 1906 وهو لم يتجاوز العشرين، من بلونسك البولندية، وهو يحمل عقيدة صهيونية اشتراكية متّقدة، وبعد أربعين سنة من قدومه، وفي الرابع عشر من آيار 1948 أعلن عن إقامة دولة إسرائيل، وأصبح رئيسا لأول حكومة لها، وبقي في هذا المنصب طيلة أربع عشرة سنة.

وبوصفه رئيسا لإدارة الوكالة اليهودية، وهي الجهة الإدارية المركزية للاستيطان اليهودي في (أرض إسرائيل)-أدار بن غوريون منذ عام 1935 وحتى عام 1948 النضال الذي أدى إلى إقامة دولة إسرائيل، وعلى خلفية هذا النضال شهد بزوغ نجم النازية، والحرب العالمية الثانية، والمحارق التي صاحبتها.

لقد بدأت خطة المشروع النووي تنضج في رأسه في ظل الكارثة التي حلت باليهود إبان الحرب على أيدي النازيين، وزودته العبر التي تم استقاؤها من تلك الحرب الحجة لذلك، والمحفز للعمل من أجل الفكرة، ويمكننا القول أنه لو لم تحدث المحارق النازية لما كان بالإمكان تفهم عمق التزام بن غوريون للحصول على أسلحة نووية، لقد تحولت المخاوف التي انتابته إبان عهد المحارق إلى سياسة وطنية.

وفي كتابه: المليون السابع: الإسرائيليون والكارثة، كتب توم سيجف عام 1991: إن رواية زعماء الاستيطان اليهودي في أرض إسرائيل على عهد المحارق، هي رواية العجز، لذا فإن قرار القيادة اليهودية بزعامة بن غوريون القائل بأن اليهود لن يكونوا بعد الآن شعبا عاجزا، وأنهم سيصبحون سادة مصائرهم، كان أحد السمات التي ميزت المعركة التي أدارها بن غوريون لإنشاء إسرائيل في أعقاب الحرب العالمية الثانية، وكان ذلك القرار أيضا المحفز الأساسي لسعيه نحو الحصول على القنبلة النووية.

كان بن غوريون يدرك تماما عمق الكارثة التي حلت باليهود خلال الحرب العالمية الثانية، ويشعر بالكثير من الخوف على أمن إسرائيل، وقد كتب بهذا الصدد إلى أحد العلماء الإسرائيليين قائلا: "الميتون لن يسبحوا لله، وإذا كنا نتعرض لخطر الدمار، ولأسفي نحن نتعرض لهذا الخطر، والمحارق النازية لم تكن سوى إحدى الفصول الكبيرة على صعيد تدميرنا على مدى التاريخ، فإن هذه المشكلة هي إحدى المشاكل المصيرية بالنسبة لنا، بيد أنها لا تخفي عن عيني أو ذاكرتي أهمية المشاكل والاحتياجات الأخرى، لأنني لا أعيش يوميا فقط مع مشاكل الدولة، بل أعيش مشاكل الشعب اليهودي كله، لأنني أدرك أن مصيرنا لسنوات طويلة سيرتبط بطبيعة تعامل الشعب اليهودي كله معنا، وبمقدرته وإرادته".

وإزاء رؤيته الواضحة لحقائق الحياة المتعلقة بالنزاع العربي الإسرائيلي، وضع بن غوريون الأمن على رأس أولوياته، ورغم أن حرب 1949 انتهت بانتصار إسرائيل، إلا أنه كان على قناعة تامة بأن انتهاء الأعمال العدائية لن يقود إلى السلام الدائم، بل إلى هدنة مؤقتة حتى تبدأ الجولة التالية على صعيد المواجهات العسكرية بين إسرائيل والدول العربية، ديفيد بن غوريون-يوميات الحرب 48-1949، إصدار وزارة الدفاع عام 1982.

اعتبر بن غوريون العداء العربي لإسرائيل عميقا جدا ومتواصلا، وأن السلام لن يحل قبل أن يسلم العرب بما فقدوه خلال حرب 1948 وقبل أن يقتنعوا بأن هزيمتهم خلال الحرب لم تكن خطأ زائلا عائدا إلى طبيعتهم المسالمة، وإلى الفرقة القائمة في أوساط زعمائهم الفاسدين، إن التسليم بوجود إسرائيل، يتطلب أن يقبلوا خسارتهم في الحرب كخسارة نهائية-يوميات ديفيد بن غوريون 26 نيسان 1949 و 23 تشرين الأول 1950.

إن رؤية بن غوريون المتشائمة تجاه الجولة العربية القادمة للحرب مع إسرائيل، وحتميتها واستحالة منعها، هي التي بلورت سياسة الخارجية والأمن الإسرائيلية طيلة السنوات اللاحقة.

أسهمت تطلعات بن غوريون ونظام حكمه الاستبدادي في بلورة دوره الحاسم كمبادر لطرح الخطة النووية الإسرائيلية، كان بن غوريون شديد الإعجاب بالعلم والتكنولوجيا في القرن العشرين، وبذل كل ما بوسعه لتحسين الأبحاث والعلوم في إسرائيل، وكان يعتبر الإنجاز العلمي بمثابة دلالة اعتراف بالدولة الصهيونية، وتجسيدا علمانيا لاعتبار الشعب الإسرائيلي كشعب منفرد، وكان يقول: "نحن أقل من الشعوب الأخرى في تعدادنا، وتشتتنا، لكن لا يوجد شعب في العالم يفوقنا على صعيد خصالنا العلمية، لقد وزعنا حتى الآن كنوزنا الروحية على الأجانب، وساعدنا الكثير من الشعوب في تحقيق إنجازاتها العلمية الكبيرة في القرن التاسع عشر والعشرين، ولا أعتقد أن هناك أي مبرر للقول أن جهودنا العلمية ستنمو وتزدهر في الدول الأجنبية أكثر مما ستزدهر في بلادنا".

كان بن غوريون يؤمن بأن العلم والتكنولوجيا يجب أن يلعبا دورين في تجسيد الصهيونية: تحسين مكانة إسرائيل الروحية والمادية، وتوفير وسائل دفاع أفضل لإسرائيل لمواجهة أعدائها، ويقول شمعون بيرس:أن بن غوريون كان يؤمن بأن العلم قادر على تعويضنا ما حرمتنا إياه الطبيعة.

لقد أسرت الطاقة النووية بن غوريون منذ نهاية الأربعينات، وفي المقابلة التي كتبها في تشرين الثاني 1948 لتوزيعها على المجندين الجدد قال: "إننا نعيش جيل الثورة العلمية، جيل اكتشاف الذرة، وتركيبتها الرائعة، وإطلاق طاقاتها الكامنة". كما حرص بن غوريون على الالتقاء بالعديد من الفيزيائيين الذين شاركوا في مشروع مانهاتن، والذين كانوا عددا لا بأس به، منهم يهود، ومن بينهم ج.روبرت أوفنهيمر، و ادوارد تيلر، وفيكتور فيسكوفف وغيرهم.

الصفحات