قراءة كتاب سلسلة اللغة أدركوا الدعائم

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
سلسلة اللغة أدركوا الدعائم

سلسلة اللغة أدركوا الدعائم

كتاب " سلسلة اللغة أدركوا الدعائم " ، تأليف د.

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 9

ثالثاً- ضعف الترجمة

نشأت الحضارة التي ينعم بها العالم اليوم من تراكم حضارات مختلفة، بدأت صغيرة وكبرت تدريجياً بانضمام بعضها إلى بعض، وباستناد كل جيل إلى حضارة الأجيال التي سبقته في القوم نفسه، ونقل حضارات الأجيال المختلفة من الأقوام المجاورة وحتى من الأقوام البعيدة. وكان للترجمة شأن كبير في ذلك منذ أمد طويل؛ أي منذ عرفت الكتابة وعرف التدوين.

وقد ترجمت بعض الأمم القديمة كتب الأقوام الأخرى ووثائقها، وكان للعرب حين أسسوا دولتهم الباع الطويل في ذلك؛ فقد بدأت الترجمة بأمر من الخلفاء الأمويين منذ أول عهدهم بالحكم، وبلغت ذروتها في أواسط العصر العباسي، حين كان يعطى المترجم وزن بعض الكتب التي ترجمها ذهباً، كما نقلت إلينا الأخبار. وترجم حينها إلى العربية كثير من كتب اليونان وفارس والهند، وكان ذلك منطلقاً لتوسعة كل ما نقل من العلوم في الفلك والطب والرياضيات والفلسفة وغيرها، وأساساً لأبحاث العلماء العرب الذين وسعوها وأضافوا إليها ما أضافوا فأنشؤوا حضارة ملأت الدنيا في عصرها، وبقيت النبع الذي استقت منه أوربا مئات السنين لبناء حضارتها.

وحديثاً لم يقصر السوريون في تأليف كثير من الكتب في مطلع القرن العشرين، ولاسيما الكتب العلمية وأخص منها الكتب الطبية حين افتتحت كلية الطب وتقرر أن يكون التدريس فيها باللغة العربية. فإضافة إلى التأليف ترجمت كثير من الكتب الأجنبية، ومازالت الترجمة قائمة حتى الآن على فترات في جميع الاختصاصات العلمية تقريباً، كما ترجمت وتترجم كتب وأعمال أدبية وفلسفية واجتماعية متنوعة، مما يغني الثقافة العربية بثقافات الأمم الأخرى وهو عمل مشكور.

وإذا تطلبت ترجمة الكتب الأدبية وما شابهها مستوى عالياً من معرفة اللغتين المترجم عنها والمترجم إليها، فالأمر ليس كذلك في الكتب العلمية والعلوم التطبيقية، التي لا تتطلب سوى التأكد من صحة المعلومات المنقولة ودقة التعبير بلغة قويمة ليس فيها شيء من التكلف والتعقيد، وهو ما لا نجده في كثير من الكتب المترجمة، بل يسيطر عليها الأسلوب الأجنبي كقولهم مثلاً: (المعلم أتى) أو (الشرطي أوقف السير) أو قولهم: (لقد كنت أعلم ما تريد أن تفعل. قال حسن).. ومثل هذا كثير، وقد انتقل هذا الأسلوب إلى بعض الكتابات غير المترجمة، وكأنه نوع من التجديد أو التقليد.

وثمة جمل أيضاً لا يمكن فهمها أبداً لما فيها من تقديم وتأخير وتعقيد.. وأنا أحسن الظن دائماً كعادتي، وأعتقد أن السبب في هذا هو الرغبة في سرعة الإنجاز، وعدم مراجعة النصوص المترجمة بعد ترجمتها. ولو أن المترجم أعاد قراءة ما ترجم بنفسه لكشف مواضع الخطأ وصححها ووضع ما ترجم في الموقع اللائق به، ولوفر على القارئ الكثير من الوقت والجهد، ولخرجت مترجماته آنق وأدق. والأفضل من هذا أن يقرأ النصوص المترجمة شخص آخر؛ لأن المترجم - والكاتب إجمالاً - حين يعيد قراءة ما كتب يقرأ ما في ذهنه غالباً، ولا يقرأ ما هو مكتوب، وكثيراً ما يمر على أخطاء واضحة بسيطة نحوية أو إملائية أو غير ذلك من الأخطاء فلا يراها، في حين يكشفها الشخص الغريب بسهولة، ولا أرى في هذا ما ينقص من قدر الكاتب أو المترجم. وعلى العكس؛ فإن الترجمة الضعيفة تنقص من قدر الكتاب نفسه وقدر كاتبه الأصلي ومترجمه.

الصفحات