كتاب " اليهودية ديانة توحيدية أم شعب مختار " ، تأليف عمر أمين مصالحة ، والذي صدر عن دار الجليل للنشر والدراس
قراءة كتاب اليهودية ديانة توحيدية أم شعب مختار
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
بعد خروج بني اسرائيل من مصر، توفي "سيدنا موسى" وأخوه "هارون"، في طريق الهجرة فقام من بعدهما بمهمة قيادة بني اسرائيل "يوشع بن نون" الى أن دخلوا الارض المقدسة من شرقها في منطقة اريحا، وكان ذلك في القرن الثالث عشر قبل الميلاد.
بعد وفاة يوشع بن نون اطلق اليهود على زعامة الشعب اليهود الذين قادوا الحملات الحربية ضد الشعوب التي سكنت ارض فلسطين وما حولها، اسم "هشوفطيم" أي القضاه، ويبلغ عدد القضاة الذين تولوا حكم اليهود في تلك الفترة قرابة خمسة عشر قاضياً، وسميت هذه الفترة من تاريخ الشعب اليهودي "بعهد القضاة". كان آخر القضاه شموئيل الذي نُصّبَ من بعده شاؤول ملكًا على اسرائيل قرابة عام 1095 قبل الميلاد، وكان ملوك تلك الفترة: شاؤول، داوود وسليمان.
جعل الملك داوود دولته مثالا للقوة والاستقرار، وأعتبر نجاحه في ادارة المملكة اليهودية امرًا خارقا نتيجه الصراعات التي عاشتها الاسباط الاسرائيلية حينها. وبعد وفاته شاعت الخرافات حول قدوم "المشيح بن داوود" لانقاذ اليهود، كلما حَلَت بهم الكوارث والمصائب (ومن تلك الفترة شاعت أسطورة قدوم المشيح لإنقاذ الشعب اليهودي، ولا يزال الايمان بالفكرة شائعاً حتى ايامنا هذه، وأكثر المروجين لفكرة ظهور المشيح في أيامنا، حسيدو "حباد" ).
خلف داوود في الحكم ابنه سليمان، الذي شيد هيكلا مقدسًا لليهود في اورشليم، وحسب المعتقدات اليهودية حفظت في هذا المعبد الواح الوصايا العشر، في صندوق القدس، واعتبر الهيكل من أهم مقدسات اليهود، بسبب حفظ صندوق القدس في المعبد.
هُدم الهيكل الذي بناه سليمان عام 586 قبل الميلاد، ثم أعيد بناؤه، واستناداً لهذا الحدث، اعتاد المؤرخون التمييز بين فترتين تاريخيتين للشعب اليهودي هما: فترة البيت الأول وفترة البيت الثاني الذي هدم في عام 70 للميلاد. (كتاب:خصوصية شعب اسرائيل، حاخام مردخاي بيرون، صفحه 131-141)
بعد موت سليمان سنة 975 قبل الميلاد، انقسمت مملكة اسرائيل الى مملكتين بسبب رفض الملك رحبعام تخفيف عبء الضرائب التي كان قد فرضها والده على الشعب من قبله، الأمر الذي تسبب في انقسام المملكة الى قسمين: سميت الأولى "مملكة يهودا" وعاصمتها اورشليم، وكان أول ملوكها "رحبعام"، واطلق على القسم الشمالي "مملكة اسرائيل" أو مملكة شومرون وعاصمتها "شخيم" (نابلس) وكان ملكها الأول "بَرعام بن نَباط".
كان تسدكيا آخر ملوك دولة يهودا، ففي عهده احتل "نبوخذنصر البابلي" المملكة الجنوبية مملكة يهودا عام 586 قبل الميلاد.
تعاقب على عرش مملكة شومرون الشمالية تسعة عشر ملكاً واستمرت قرابة مائتين وخمسين سنة، وكانت نهايتها على يد "سارغون الثاني" ملك آشور.
تسبب الاختلاط مع الحضارات المختلفة في ضعف وتهلهل الديانة اليهودية، وهنا برز دور الانبياء في تاريخ الشعب اليهودي، وقد برز الانبياء خلال عهد الملوك. كان أول الانبياء "الياهو هنبي" الذي أطلق عليه "هتشبي" (الخضر) الذي عارض وندد بافعال الملك أحئآب التحررية، داعيًا الشعب الى التمسك بديانه موسى. (اسرائيل أمة وتاريخها، أ. بولاك ، صفحه 22-26)
اصبح النبي "هتشبي" الذي انقذ اسرائيل من خطر الانصهار في الشعوب الوثنية، اكثر المحبوبين عند الشعب، حتى تبلور لدى اليهود الاعتقاد بحتمية عودة هذا النبي في آخر الزمان، ليبشر بقدوم "المشيح" المنقذ.
لم يفلح الانبياء في الحيلوله دون خراب الدولتين الاسرائيليتين، ولكن كان للأنبياء الفضل في الحفاظ على الديانة والعقيدة اليهودية.
احتل الآشوريون مملكة شومرون في العام 722 قبل الميلاد وقاموا بطرد قادة الشعب من الدولة، وأحضروا الى البلاد الكثير من المستوطنين من القوميات الأخرى، وامتزج هؤلاء المستوطنون بالاسرائيليين وتبلورت طائفة سميت "السامريين".
يؤمن السامريون بديانة موسى، غير انهم لا يقدسون باقي الانبياء ولا قدسية اورشليم، والمكان المقدس عندهم هو "جبل جريزيم" القريب من مدينة نابلس (شخيم)، وما زالت هذه الطائفة حية ومتواجدة حتى أيامنا، ويسكن افرادها في جبل جريزيم في نابلس، ومدينة اشكلون الاسرائيلية (عسقلان). (كتاب: اسرائيل أمة وتاريخها، صفحه 27)
في عام 589 قبل الميلاد احتل الفرس مملكة بابل وسمح كورش الفارسي لليهود بالعودة الى يهودا من جديد، بقيادة زروبابيل وهو من سلالة الملك داوود. فقام هولاء ببناء الهيكل من جديد. كان من بين اليهود العائدين المعلمون والمرشدون للديانة اليهودية، وبرز من بينهم "عزرا ونحاميا".
جعل عزرا قراءة التوراة واجبًا على الجميع، فتعرف عامة الشعب وللمرة الأولى على شرائع الدين، ويقال أن عزرا قام بتلاوة التوراة للمرة الأولى امام الشعب في رأس السنة العبرية وفي عيد المظلة، وفي اعقاب تلك القراءة، جرى اجتماع حافل وقع في ختامه المجتمعون على وثيقة تنص على ضرورة حفظ الشرائع اليهودية والتوراة.
لقد اخذت هذه الاجتماعات منذ ذلك الحين، شكل مؤسسة ثابته، ومن أهم اهدافها تسيير الشعب حسب شرائع اليهودية، وعرفت هذه المؤسسة باسم "الكنيست الكبرى"، وسمي البرلمان الاسرائيلي بعد قيام دولة اسرائيل باسم "الكنيست" نسبة لتسمية "الكنيست الكبرى". بعد مضي نحو قرنين على سقوط بابل على يد كورش، احتل الاسكندر المقدوني فارس ومعظم دول الشرق.