كتاب " الخطاب الحجاجي " ، تأليف د. هاجر مدقن ، والذي صدر عن منشوات ضفاف ، ومما جاء في مقدمة الكتاب :
أنت هنا
قراءة كتاب الخطاب الحجاجي
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
المقدمة
خلق الإنسان وقد ميّزته ملكة فرقته عن سائر المخلوقات، كانت ملكة الكلام والتّخاطب مع أبناء جنسه من البشر، وكما يقال: اللّسان آلة البيان، وبه نحا الإنسان مناحي شتى في كلامه وصفات تخاطبه وما هيّئت له من مواقف تناسبها.
وقد تعدّدت أوجه التّخاطب الإنساني بتنوّعها بين الخطابات الكتابيّة والشّفويّة، وكان الخطاب الحجاجيّ في هذه وتلك؛ إذ يعدّ ركيزة النّصوص الموجّهة المتضمّنة للمقصديّة والنّقاش والنّقد والجدل، والتي منها: النّصوص القرآنيّة، والفلسفيّة، والفقهيّة، والأدبيّة.
ولم تكن دراسة النّص الحجاجيّ حديثة ولا من مستجدّات العصر، إنّما يوغل بها التّاريخ إلى اليونان وما جاء في مؤلّفات "أرسطو"، ولا سيما عن الخطابة، ثم ما توارثه العرب عن أصول الخطابة ومميّزات الخطيب، انتهاء إلى الإرث الفكريّ الضّخم الذي أحاط بكلّ ما يمكن أن يطرأ على هذا النّص من خلال تطبيقات كبار المفكّرين والفلاسفة والفقهاء على مختلف النّصوص: القرآنيّة، والفلسفيّة، والكلاميّة،…
ومن هنا جاءت فكرة البحث في مجال: الخطاب الحجاجيّ بمنظور حديث، كميدان بِكر لاسيما في الدّراسات العربيّة الحديثة، يغري باستطلاع ماهيته، والوقوف على أهمّ أنواعه وخصائصه في الفكر العربيّ الحديث، حيث أنه درس تحت عناوين مختلفة باختلاف توجّهات أصحابها، وهذا الاختلاف بقي قيد مدوّنات معيّنة دون أن يطال المؤلّفات الأدبيّة- التي لا تتضمّن في نظر كثير من الدّراسين خطابا حجاجيّا صريحا- وكان هذا حافزا يبعث على محاولة البحث عن خطاب حجاجي شبه مكتمل المعالم- استنادا إلى بعض الدّراسات- في مدوّنة أدبيّة لعلم من أعلام الحجاج الأدبّي والإصلاح الاجتماعيّ معا، انطلاقا من إشكاليّة تتلخّص في:
-إ ن كان الحجاج فكرة أو تقنيّة متضمنة في الخطابات التّواصلية البلاغيّة والفلسفيّة والتّداوليّة؟
- مميّزات بنية هذا الحجاج تحت هذه العناوين، وأهم خصائص تكوين هذه الخطابات الحجاجية؟
- وهل يمكن لكلّ هذا أن يتوفّر في مدوّنة أدبيّة واحدة (مقاليّة التّأليف)؟
وهذه الإشكالية بتفرّعها شكّلت هيكل الطرح وخطّته:
- في التمهيد كانت محاولة للوقوف على إشكالية أساسية تعترض البحث، وهي الفصل بين مصطلحي النّص والخطاب؛ وذلك بعد ورود مصطلح الحجاج تحت كل منهما في مواضع مختلفة، ولتعذّر تبنّي أحد المصطلحين لتعدّد النّظريات والآراء حولهما، ثم اللّجوء إلى حملهما على محمل واحد وبدلالة واحدة، حيث يكون النّص هو الخطاب والخطاب هو النّص اتّباعا لمنهج تحليل الخطاب في التعامل معهما.
وجاء الفصل الأول نظريا؛ ضم مدخلا تمهيديّا عرّف فيه الحجاج معجميّا في الثّقافة العربيّة والفرنسيّة والإنجليزيّة، ولابدّ للتّعريف المعجميّ من آخر اصطلاحيّ تمثّل في المبحث الأوّل الذي كان بحثا في ماهية الحجاج قديما وحديثا في الثّقافتين الغربية والعربية والوقوف على أهمّ النّظريات والدّراسات لدى أشهر مفكّري ودارسي العصور القديمة الحديثة في الفكرين الغربيّ والعربّي معا. أمّا المبحث الثّاني فتناول أنواع الخطاب الحجاجي استنادا إلى التّقسيمات الحديثة- الغربية والعربية معا- وتمثّلت في أنواع ثلاثة: الخطاب الحجاجي البلاغيّ، والخطاب الحجاجي الفلسفيّ، والخطاب الحجاجي التّداوليّ، أمّا خصائص هذه الأنواع فقد كانت عنوانا للمبحث الثّالث والأخير في هذا الفصل، وتمثّلت في: الخصائص الأسلوبيّة للخطاب الحجاجي البلاغيّ، والخصائص المناظراتيّة للخطاب الحجاجي الفلسفيّ، والخصائص الحوارية للخطاب الحجاجي التّداوليّ.
أمّا الفصل الثّاني فهو تطبيقيّ، يبحث في أنواع الخطاب الحجاجي وخصائصه في ((كتاب المساكين)) لـ:"الرّافعي"، حيث يبتدئ بتمهيد يستعرض تعريف الخطاب الأدبـي كمدخل، ثم تبيين لسمات المقال عند "الرّافعي" وأنواعه، يتلو هذا المدخل المبحث الأوّل الخاصّ بالخطاب الحجاجي البلاغي وخصائصه الأسلوبيّة في هذا الكتاب، انطلاقا من البنية البلاغية للخطاب الحجاجي والمتمثّلة في الصّور البلاغية العامّة للحجاج وصولا إلى الخاصّيتين الأسلوبيّتين للخطاب الحجاجي البلاغي: الاستعارة بنوعيها، والمثل بأنواعه المختلفة، وخصّ المبحث الثاني بالخطاب الحجاجي الفلسفي، بنيته وخصائصه المناظراتيّة: المناظرة (المحاورة القريبة) والتّناص (المحاورة البعيدة). وكان المبحث الثّالث للخطاب الحجاجيّ التّداولي، بنيته وخصائصه: التّشخيص المقام. وفي الأخير خاتمة كانت خلاصة ما أفدناه من نتائج هذا البحث.
هاجر في 1-9-2003