كتاب " حسن البنا وتجربة الفن " ، تأليف عصام تليمة ، والذي صدر عن مكتبة وهبة للنشر والتوزيع .
ومما جاء في مقدمة الكتاب :
قراءة كتاب حسن البنا وتجربة الفن
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
حسن البنا وتجربة الفن
أثر مسرح الإخوان في الحالة الفنية
بدأ أثر مسرح الإخوان المسلمين يظهر ويتضح في الحالة الدينية كما أسلفنا ، من إثارة للرأي حول التمثيل ، وحكمه ، والمسائل المثارة حوله ، ثم في الحالة الفكرية والثقافية بين المثقفين ، وما أثار من ردود أفعال ، ثم انتقل تأثيره إلى الوسط الفني ، فكما أسلفنا طلبت إحدى الممثلات من مؤلف مسرحيات الإخوان المسلمين أن يؤلف لها مسرحية ، فكان ذلك مشجعا لمسرح آخر على الانطلاق وبقوة ، وقد قامت فكرته في رأس شاب صار بعد ذلك مديرا للفرقة وهو محمد عثمان ، وانطلق من جمعية الشبان المسلمين وهو مسرح جمعية الشبان المسلمين .
ولا بد هنا من كلمة حول هذا المسرح ، وكيف نشأ ، وبعضا من مسيرته ، أنقل هذه الفقرة عن مسرح الشبان المسلمين بكاملها عن مقال نشره الأستاذ أحمد زين عن المسرح .
مسرح الشبان المسلمين
جاءت فكرة إنشاء هذا المسرح حين قرأ محمد عثمان عن مسرحية =آلام المسيح+ الألمانية ، والتي تجد إقبالا جماهيريا كبيرا ، وتساهم في نشر الأفكار الدينية . قرر عثمان التحول إلى المسرحيات الدينية عن عقيدة واقتناع ، فكر وشعاره : =ولم لا نصنع لديننا الإسلامي مثل هذا النشاط؟+ ، وذهب لجمعية الشبان المسلمين ليعرض فكرته ، ووافق الرئيس العام للجمعية صالح باشا حرب باشا شريطة خلو هذه المسرحيات من العنصر النسائي .
بدأ الفريق في تقديم بعض الأعمال الكوميدية بإخراج محمـد عثمـان ، وكـان يقـدم مسرحيـة من 3 مشاهد منفصلة ـ متأثرا بالاسكتشات التي كان يقدمها سابقا ـ الأول فكاهة ، والثاني مأساة اجتماعية ، والثالث مشهد ديني ، ثم قدم عرضه الإسلامي الأول =بلال+ للمؤلف يوسف المحجوب ، وبعد هذا العرض أحست الجمعية بأهمية الفريق فسمحت لعثمان بإجراء توسعات وتعديلات في قاعة المحاضرات لتكون قاعة مسرح ، وتبرع أحد الأغنياء المعجبين بنشاط فرقة المسرح الإسلامي بستارة فاخرة موشاة بالقصب تكلفت في هذا الوقت 500 جنيه ، والطريف أن يكون هذا الثري المتبرع من عائلة لطف الله وهي عائلة قبطية شهيرة في مصر (!!)
واستمر الفريق يعرض ليلة واحدة كل شهر ، وكانت المشاهدة بالمجان في أول الأمر ، ثم صارت مقابل قروش قليلـة .
تعد فترة الازدهار بداية من عام 1944 حيث بدأ الفريق يعرض أعماله خارج مسرح الجمعية . وقدم الفريق أول أعماله على مسرح دار الأوبرا =خالد بن الوليد+ لمحمود جبر . وفي العام التالي مثلوا =عبد الرحمن الناصر+ لعباس علام 1945 ، ثم =قاهر الشيطان+ لمحمود متولي ، ثم تلاه نجاح آخر للفريق حين أذاعت الإذاعة المصرية مسرحية =عبد الله بن الزبير+ .
نجح الفريق كذلك في تلك الفترة في ضم عدد من الشخصيات الرسمية الهامة والتي أسهمت في دعم الجمعية ومن هؤلاء الدكتور محمد صلاح الدين ـ وكان وزيرا لخارجية مصر ومستشارا فنيا للحكومة المصرية ـ فوضع تحت تصرف الفريق كثيرا من الإمكانيات ، كما ساهم في تغيير نظرة الفريق لإدخال العنصر النسائي في التمثيل ، فإلى هذا الحين كانت الفرقة تتعمد تأليف مسرحيات تخلو من العنصر النسائي وإذا كان ثمة عنصر نسائي في البناء الدرامي كان يتم تحوير دوره واختزاله منعا لظهور ممثلات على المسرح ، ولا شك أن ذلك كان يؤثر على حبكة الدراما في العمل ، وكانت مسرحية =عبد الرحمن الناصر+ هي أول الأعمال التي تضمنت عنصرا نسائيا ومثلت فيه عدد من مشاهير الممثلات بعد ذلك وهن : زوزو نبيل ـ رفيعة الشال ـ نعيمة وصفي .
لكن هذه التجربة لم تمر بهدوء . . فقد تعرضت لهجوم عنيف من الخطباء على المساجد خاصة الجمعية الشرعية والأزهر ، بدعوى =الخروج على الدين ونشر الرذيلة والفساد+.
وشهدت تلك الفترة استعانة عدد من الهيئات الاجتماعية والجامعات والمؤسسات بالفريق ليدعم مسرحياتها ، فقد شارك الفريق في إخراج مسرحيتي =إسلام هرقل+ و =خالد ابن الوليد+ ، وذلك لرابطة مسرح الأزهر ، وكذلك في مسرحيتي =الهادى+ عام 1951 ، و=عبد الرحمن الناصر+ عام 1952 وذلك لرابطة طلبة دار العلوم ، ومسرحيـة =صلاح الدين الأيوبي+ لرابطة أبناء فلسطين عام 1953 ، ومسرحية =عمرو بن العاص+ لوزارة الأوقاف عام 1954 ، ومسرحية =نورونا+ لهيئة البريد .
واللافت للنظر أنه كان يقوم بذلك دون مقابل ، وحسب قول محمد عثمان : =حبا في نشر الدعوة الإسلامية عن طريق الفن+ .
والأكثر من ذلك أن الفريق بكامله ظل لا يتقاضى أي أجر على الأعمال التي قدمها رغم ما بذله من جهد ومشقة على مدار عقدين من الزمان .
ويمكننا رصد عدد من مظاهر نجاح هذه الفرقة كذلك فيما يتعلق بجذب الفريق لعدد من المسرحيين اللامعين مثل : توفيق الدقن ، وسعد أردش ، وكمال يس، أضف إلى ذلك دعوة الفريق لعرض مسرحياته داخل وخارج القطر ، فقد أقام حفلات في محافظات : قنا ، والمنيا ، وبني سويف ، والمنصورة ، والسويس ، وكذلك في فلسطين في يافا ، ونابلس ، عامي 1946و 1947 .
كما أن عددا من هذه المسرحيات تحولت إلى أفلام سينمائية مثل : بلال مؤذن الرسول ـ ظهور الإسلام ـ بيت الله الحرام ، وشارك في تمثيلها سينمائيا عدد من أفراد هذا الفريـق .
وبسبب خلاف دب بين مدير الفرقة محمد عثمان ورئيس جمعية الشبان المسلمين صالح حرب خرج عثمان من الفرقة ، وتولى قيادتها فؤاد الطوخي وهو الكاتب الأول للفرقة ، ثم مخرجها في فترتها تلك حتى توقفها عام 1961 بعد إنتاج بلغ 14 مسرحية إسلامية المضمون ، وست مسرحيات فكاهية واجتماعية .(20)