أنت هنا

قراءة كتاب أزمة الأقليات في الوطن العربي

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
أزمة الأقليات في الوطن العربي

أزمة الأقليات في الوطن العربي

كتاب " أزمة الأقليات في الوطن العربي " ، تأليفد.

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
الصفحة رقم: 10

"الرقيق إنسان تحول بالرق إلى مال، يتصرف به مالكه كتصرفه بشيء من أشيائه، فله أن يبيعه ويؤجره، وله أن يرهنه وأن يوصي به، ويورث ثمنه إذا مات. غير أنه ذو روح وإدراك، وأنه يفعل ما يؤمر به، فكانت الفائدة منه أكبر، ولذلك كان الرومان يعدونه من الأشياء النفيسة (Res Mancipi)، وبالرق تسقط حقوق الرقيق القانونية، فلا يحق له أن يتصرف في شيء حتى نفسه، لأنه مملوك في نفسه وبدنه"[21].

حسب هذا الوصف يصبح المسترق شيئاً محروماً من إنسانيته، فلم تكن للرقيق حقوق الزواج بمعنى الزواج الشرعي؛ فهم يتوالدون فقط، وطالما لم تكن لديهم ملكية فليست هناك قواعد في الميراث، كما أن اختلاط النسب ليس مشكلة، ولا يفترض أن تكون عندهم أخلاق أو قيم. كانوا أدوات عمل وتسلية لأسيادهم، يقومون بالأعمال الشاقة والقذرة، كما أن الرومان كانوا يتفرجون على حلقات المصارعة التي يصارع فيها العبيد والأسرى بعضهم، أو الحيوانات المفترسة.

كان إلغاء الرق في الأزمنة الحديثة نتيجة طبيعية، لأن الأسباب التي استوجبت الرق قد انتهت. فالرق لم يكن نتيجة لأسباب نفسية تكمن في الميول الوراثية عند الإنسان التي تجعله يميل للعدوان تجاه الآخرين، أو "لا إنسانية الإنسان تجاه الإنسان" هي الدافع لامتلاك الآخرين. إذ ليس للرق صلة بالغريزة الإنسانية، فهناك تجمعات بشرية لم تمارس الرق (هم الأستراليون الأصليون والأسكيمو وقبائل في حوض الأمازون وفي وسط إفريقيا وجزر المحيط الهندي) كذلك الإنسان الحديث والجماعات القديمة قبل العصر الحجري الحديث[22]، لأن الغريزة يفترض فيها أن تكون خالدة أزلية، أي عند الإنسان في كل زمان ومكان.

يرتبط الرق ببساطة بالحاجة للأيدي العاملة، لذلك حين كان العمل قليلاً لم يمارس الرق، وحين ظهرت الآلة بعد الثورة الصناعية وثبتت فائدة العمال الأجراء لم تعد هناك حاجة للرق في الدول التي دخلتها الثورة الصناعية، ولكنه استمر في جنوب الولايات المتحدة الزراعي المحتاج للأيدي العاملة المجانية. هذا وقد واكبت التطورات الاقتصادية تغيرات فكرية وسياسية جذرية في أوربا نتيجة لعصر التنوير وقيام الثورة الفرنسية إلغاء الرق بعد عامين من قيام الثورة أي عام 1791م ثم قرر مؤتمر لندن للدول الأوربية في عام 1831م اعتبار تجارة الرقيق من أعمال القرصنة. وكان مؤتمر فيينا عام 1815م قد قرر منع تجارة الرقيق.

أما في الولايات المتحدة فقد كان موضوع الرقيق سبباً من أسباب قيام الحرب الأهلية بين الشمال والجنوب، وبعد انتصار الشمال أعلن إبراهام لنكولن تحرير العبيد في الجنوب عام 1863م. وقد استمرت حملات تحريم الرق في المحافل الدولية فقد وقعت الدول الأعضاء في عصبة الأمم اتفاقية جنيف لعام 1926م، والتي تحرم تجارة الرقيق بكل صورها خاصة في الدول الموضوعة تحت الحماية أو الوصاية. كذلك أعلنت الأمم المتحدة في ميثاقها المساواة بين الناس، وأعقبت ذلك بعد ثلاث سنوات من إنشائها بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان 1948م حيث تقول المادة الرابعة: (لا يجوز استرقاق أو استعباد أي شخص، ويحظر الاسترقاق، وتجارة الرقيق بأوضاعها كافة)، وتلت ذلك اتفاقيات لتأكيد هذا القرار مثل الاتفاقيات الدولية في عامي 1949م و1956م وأخيراً في 1966م[23].

الصفحات