أنت هنا
قراءة كتاب رجل من مجرة أخرى
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
السوط الثاني
ينام الأولاد مبكرين، يطمئن إلى غطيطهم العميق وشخيرهم العالي، ينتهز الفرصة فيخلو بزوجته، فتتحول الخلوة إلى جلسة حوار وخلافات وجدل وبحث لتأمين وجبة الغداء في اليوم التالي، ذكّرته هذه الخلوة بجلسات مجلس الأمن، الذي يبحث الشكايات العربية على اعتداءات إسرائيل المتكررة وتوصل المجلس إلى قرار ولم تستخدم أمريكا ( الفيتو ). لكن الزوجان اتفاقا في الخلوة إلى أن يكون غداء اليوم التالي، وجبة عجة واستجابت المرأة لتوسلات زوجها، بأن تمضّيها غداً وبعدها يفرجها رب العالمين.
شعر الرجل بكثير من المرارة والقرف وهو يرى زوجته تضع يدها على بطنها الملتصق بظهرها، وهي تتألم وتئن بصوت مبحوح:
ـ يا رجل ما عاد فينا رمق، بدنا شيئا يسند ظهرنا، وتختم بنحيب مكبوت: هىء .. هىء .. هىء
يصمت، يتوجع، يمدّ أصابعه يداعب وجهها النحيل، ورقبتها الرفيعة، ثم صدرها الناتيء، وبطنها المجوف، ثم ... يستغرقان في طقوسهما الليلية .
الرجل يعرف أن المؤمن مبتلى لكن الحياة أصبحت صعبة، وأكثر تعقيداً وقساوة. وأيام زمان، كانت الحياة سهلة مريحة، ممتعة، وعندما لا يجدون ما يأكلونه فإن البقلة الملفّحة بالبصل والزيت تعتبر من أشهى المأكولات، أمّا الجيل هذه الأيام فقد تغيّر وتطور بسرعة مذهلة، ومنذ أن يفقس الولد من البيضة، يطلب الحليب والبيض والبرتقال ويتكلم عن البروتينات والفيتامينات والكلس والسكريات وأمور غريبة أخرى ، وتأتي المرأة أخيرا وتطلب شيئا يسند ظهرها، لتقوم بأعباء البيت، والجلي والغسيل والشطف والتنظيف والطبخ والنفخ و غيرها... وما الذي يسند الظهر غير اللحمة والشحمة والكبّة ... ومالها العجة مثلاً ؟ بيض وطحين وبقدونس وبصل و ... والله العظيم طيبة والجود من الموجود، على اية حال لا يوجد غير البرغل والعجة ليأكلوا منها حتى ينفزروا أو يفرجها رب العالمين.