كتاب " الربيع العُماني " تأليف سعيد سلطان الهاشمي ، والذي صدر عن
قراءة كتاب الربيع العُماني
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
مقدمة
شكلت الحركة الاحتجاجية الواسعة التي عاشتها عُمان في الفترة، من أواخر شباط/ فبراير حتى منتصف أيار/مايو 2011، لحظة تاريخية فارقة في العلاقة بين المجتمع والسلطة، في بلاد لا يعرف عنها الكثيرون غير الهدوء والعزلة والوداعة. لقد شهدت البلاد إبان هذه التجربة، رغم قصرها، تخلقاً جديداً على عدة مستويات: دستورية وسياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية.
إن ما حدث لم يكن بالأمر العابر أو السطحي؛ والاستجابة كذلك، لم تؤكد إلا اعترافاً صريحاً بشكل عملي، بصدقية المطالب الإصلاحية المتجذرة لمسار الإدارة والحكم، وطبيعة العلاقة بين السلطة والمجتمع في مختلف قطاعاتها. غير أن هناك - كما يبدو- جهداً منظماً ومتواصلاً تسعى إليه عدة جهات لطمس محورية هذا الحراك وأثره في الإنسان والتنمية في البلاد بصفة عامة، وإعادة الخطاب المكرور ذاته من أن جميع الثمار التي حصل عليها المواطن لم تكن من خيرات ذاك الربيع وغراسه، بل هي ثمار الفضل والكرم للقيادة وحدها، ونتاج خطوات التدرج والمرحلية المدروسة التي تنتهجها «الحكومة الرشيدة».
والواقع، أن المتابع لما كتب في خلال الفترة المنقضية من هذا العام المكتنز بالأحداث (وأعني به العام 2011)، يمكن تصنيفه في ثلاثة أشكال: الأول جاء من وجهة نظر رسمية منحازة تلقي باللوم على شباب حراك الربيع العُماني، وتبجل الجهد الرسمي وتبرره، وتفرد له مساحات وافرة، في قنواتها، خصوصاً وسائل الإعلام التقليدية بشقيها الحكومي والخاص. والثاني جاء من وجهة نظر غاضبة، كانت ميادينها وسائل الإعلام الجديد، واختلفت عن الأولى في المضمون وليس في المنهجية، وبين الإدانة والتبجيل تضيع الموضوعية ويسقط الحياد. أما القراءة الثالثة – وكانت نادرة - فحاولت أن تدمج بين الدلالات الثقافية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية، وبين الدوافع والأسباب الاجتماعية والسياسية التي تقف وراء قيام الحركة الاحتجاجية واتساعها، وبين سياقات الواقع وتطلعات المستقبل. لكن قراءة كهذه، خلطت غث التبجيل بحمأة الإدانة.
ونظراً إلى الأهمية المتصاعدة، التي يحتلها الربيع العربي وبساتينه القُطْرية المتنوعة على الساحة العربية وعلى المستوى الدولي، ولما كان الحراك الشعبي العُماني هو أقل ما تم التركيز عليه على المستوى الإقليمي والدولي، على الرغم من أهميته الإقليمية الكبيرة، لسطوة وسخونة الأحداث في مصر وتونس والبحرين واليمن وليبيا وسوريا، وبسبب الجهد المنظم والكبير الذي كانت تمارسه الآلة الإعلامية الرسمية، ولا سيما صحفها «الخاصة»، ناهيك بالعلاقة الخاصة بين الحكومات الخليجية، التي حدتْ بالقنوات الإعلامية الأكثر مشاهدة في أحداث الربيع العربي أن تغض الطرف، إن لم نقل تتجاهل، الحراك الشعبي العُماني إلا في حالات نادرة وبأخبار خجولة.