أنت هنا

قراءة كتاب رؤية في فهم الترميز الجمالي للفلسفات الوضعية والأديان

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
رؤية في فهم الترميز الجمالي للفلسفات الوضعية والأديان

رؤية في فهم الترميز الجمالي للفلسفات الوضعية والأديان

كتاب " رؤية في فهم الترميز الجمالي للفلسفات الوضعية والأديان " ، تأليف د.

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
دار النشر: منشورات ضفاف
الصفحة رقم: 8

لقد تحققت ترميزة الجميل هذه وفق ثلاثية الكمال (الجسد + العقل + الروح) لتكون أنموذجاً ذهبياً بمدلول العقل- الواعي- العاقل- بفعالية شديدة وحاذقة ليتموضع مع الجسد مستلهماً صور أفعاله من الروح التي تمكن المطلق "وهي نقية جميلة" فعبرت بأبلغ تعبير عن (ارتباط فلسفة الجمال في الواقع الفني واتصال الفكر بالحياة، وكانت الأولى لكل حديث عن فلسفة الجمال) (16-ص21) فحاول هذا النسبـي أن يعمل وفق منهج التطهير من أن لا يلوث هذه الروح ويدنسها" في ما يريده، وهي أفعال "وظيفية" نعدها جمالاً فهو جميل يحب الجمال (13-ص230) فكان هذا العقل الذي يتربع ويتمركز ويسيطر على مفاصل الموجود الذي تحسس فيه الكون بنظرة واقعية لتوازن ذاته مع ما يؤنسه أو يؤرقه من مجتمعه الذي يعيش فيه، والمراد هنا منه ينظر نظرة أخلاقية خاصة، أي وجود "العقل والجسد" واحتوائهما للنفس وللروح (فالنفس للجسم الحي بمثابة الصورة والطبيعة لغير الحي، أي أنها مبدأ الأفعال الحيوية على اختلافها) (14-ص153)، ولهذا يعتبر الفكر والطبيعة ما هما إلا مظهران لهذا المطلق، (فكان المطلق حاضراً في الطبيعة على الدوام مباطناً لها وليس منفصلاً عنها) (8-ص47)، وهذه الطبيعة تحوي كل ما صيره المطلق من نسبيات الحياة، فهو يقول (كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) (البقرة: 28)، وهذه دالة على أن المطلق أعد للنسبـي ما يناسبه في ما بعد من إثابة وعقوبة، إذا ما أراد التمرد على أوامره وفق حدود عدله وتوجيهه المرمز الطويل والأزلي، وهي خاصة المطلق" بأن يحسن الفعل للجسد، فعندئذ لا وجود للقبح بأفعال النسبـي، ويقابله وجود عدل "جمال" يفيض به المطلق تجاه النسبـي، ويفيض به بعد ذلك النسبـي تجاه المطلق.

وهنا تتحقق العدالة في ثبات الجمال المطلوب بداية، أي تتحقق جمالية العلاقة ورمزيتها بين العال والمعلول دونما خلق ليبعدنا عن مفهوم وجود الجمال، حيث تنشأ وتتكون وتولد أفكاره الفلسفية الوضعية، فكلما اقتربت من العدل والخير "الجمال" كلما كانت أفكاره جديرة بأن تكافأ وفق نواميس الطبيعة، وكلما كانت بعيدة عن العدل والخير "الجمال" كلما توسعت دائرة القبح والظلم والشر، وهذا كله يحدد مسارات وعقول الأفراد بتنقية وتطهير أجسادهم ونقاء أرواحهم وفق نظام وقانون المطلق.

ولهذا جاءت متطلبات المطلق وفق برنامج طويل- "وفق زمن النسبـي"- حددت له فواصل زمنية ابتداءً، وانتهاءً- وفق عمق الزمان- كون الزمان له عمقاً محدداً به، ابتداءً وفق معيار الجمال كرمز لكل موجوداته وحجب عن النسبـي انتهاءه ببصيرة يعلمها "هو" وحده كفرة مرمزة لبلوغ الحدث الذي نبه النسبـي له من خلال تراميز كثيرة حددتها الأفكار المطلقة وسميت "بالأديان"، فعندما نبحث في تاريخها يعني ذلك لنا ترميزاً مقصوداً ابتداءً حتى بلوغ ما أراد له أن يتوقف بإرادته، فاعتبر- دين- الإسلام- آخر ترميز جمالي له في طبيعة الخلق البشرية، واعتبره مكوناً صالحاً لكل زمان ومكان "قادم محدد" كونه قد حقق ما أراد لهذا الجمال أن ينتهي وفق هذه الرموز الكثيرة- الجميلة، في الحياة الوضعية، ووصفه بآخر رمز جمالي قدمه لحياة هذا الموجود في حياته الدنيوية التي يعيشها، وهي وفق محدداته قصيرة جداً ووفق محددات وبمفهوم النسبـي طويلة مملة، بحيث تجعل من تاريخها الطويل علامات نسبوية لأن لا يؤمنوا بمن أوجدها ولا يؤمنوا بثوابه وعقابه عند انتهاء زمنه الذي حدده هو لهذا النسبـي، فكلما ابتعد الجسد عن روحه ازدادت قبح أفكاره، وكلما اقتربت الجسد من روحه ازدادت أفكاره جمالاً وترميزاَ.

ولذلك فقد تم تحديد الإطار العام للنسبـي تجاه المطلق، وحددت المفاهيم الجمالية بترميز حدده المطلق "الواجد" فكان الخير والعدل "الحق" والجمال وهي أوصاف تتسم بأفعالها لتطهير الروح من كل دنس يلوث صفاء هذه الروح ونقائها، وهو ما أوجده المطلق لأفعال النسبـي، وبهذا اختلفت الرؤى بين المفكرين والفلاسفة والعبّاد بكيفية العمل بأفضل الصور لمكافئة المطلق على "حقه" في الامتثال له والإقرار بالعرفان لما أفاضه من جمال إلى هذا الموجود، حيث تمخض عنها نشوء تصورات أخلاقية بهذه الواجبات تجاه المطلق بأخلاقيات غير جامدة ومتطورة "في نفس الوقت" كلما ظهرت حاجة لها، وهذه الحاجة تحددها تفاعلات أفراد المجتمع فيما بينهم، باختلاف الزمان والمكان الذي يتواجدون فيه، فظهر هنالك استنباط عام خاص واستنباط خاص عام، فالأستنباط العام الخاص هو يتحدد وفق معايير أخلاقية جمالية عامة تخص مجمل عمل الأفراد تجاه المطلق، وخاص بمعنى الخصوصية التي يجب أن يكون عليها النسبـي هذا، ولكن وفق منظور الاستنباط العام الأخلاقي تجاه المطلق، بحيث لا يستطيع هذا الفرد ان يتجاوز حدود الاستنباط الجمعي للمجتمع حتى ولو كان ذلك متعارضا وغير منسجماً مع ذاته وغرائزه.

الصفحات