أنت هنا

قراءة كتاب سأقذف نفسي أمامك

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
سأقذف نفسي أمامك

سأقذف نفسي أمامك

رواية " سأقذف نفسي أمامك " ، تأليف ديهية لويز ، والتي صدرت عن منشورات الضفاف للنشر والتوزيع ، نقرأ من اجوا

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
دار النشر: منشورات ضفاف
الصفحة رقم: 7

الفصل الثاني

كم من الكلمات تلزمني لأفصّل كل الحقيقة، كل التفاصيل دون أن أغيّر شيئًا من لوحة القدر التي رسمها على وجهي الكئيب؟ كم يلزمني من الهذيان والأرق لأعيش تلك اللحظات من جديد، بكل الألم الذي ينخر قلبـي كل مرة، قبل أن تموت إلى الأبد هنا على أوراقي؟ لكن هل يمكن أن تموت؟ الذاكرة لا تموت، الذاكرة العنيدة لا تتشبث سوى باللحظات الأكثر ألمًا..

أجهد نفسي لأجد شيئًا جميلاً يعيد إليّ ابتسامتي فلا أجد سوى الدمار.. لا أدري منذ متى فقدت ابتسامتي، لم أنتبه لذلك إلاّ اللحظة، أأكون فقدتها يوم قرّر والدي قتل علاقة الأبوّة بقبلة ثم بـ...؟ ربما.. رغم إني وعدت عمر أن لا أمسح الابتسامة من وجهي، لكن الزمن لم يترك لي ما أبتسم له يا عمر، لم يترك لي سوى دموع أغرق فيها..

سمعت صوت الباب ينغلق بعنف، خرج والدي بعد عشائه ولم يحدث شيء.. ها هو إذن نسي ما فعله البارحة، ها هو نفس الرجل الذي عرفته منذ فتحت عينيّ على الدنيا، رجل غير مبال لا يهتم سوى بعمله وكأسه.

عاد إذن كل شيء كما كان، وكأن شيئًا لم يكن. تراني رأيت كابوسًا ليلة أمس، وأنّ الذي حدث كان من صنع خيالي فقط؟ معقول؟!

كنت دائمًا لا أفرّق بين الحقيقة والحلم، لطالما رأيت أحلامًا كانت تتحقق بكل التفاصيل وبالدقة نفسها، حتى عدت لا أعرف أية ذاكرة أملك بالتحديد؟ أهي ذاكرة الأحلام، أم ذاكرة واقع مرّ تمنيت أن يكون حلمًا أو كابوسًا ينتهي في لحظة ما؟!

لكن ما حدث لم يكن حلمًا، ربما تلك الحقيقة الوحيدة التي أنا متأكدة منها، على الأقل نسبيًّا..

صوت المطر الذي يلتقي بالأرض، كأنه يعزف سيمفونية اللقاء بعد طول فراق، يغريني ويدعوني بصمت للخروج إلى باحة المنـزل، أرفع وجهي إلى السماء، تغازلني قطرات المطر، تنـزلق برفق على شفتي وتغسل وجهي المتعب. لكني أتذكّر أنّ أمطار جانفي لا ترحم، تسقط بقوة وكأنها تريد الانتقام من شيء ما. وأتذكر أنّ البرد في الخارج سينخر جسدي، لذلك سأكتفي بسماع أغاني لوناس معطوب، وأتشبث بغطائي الدافئ.

أغفيت على صوته الحزين، لكني فجأة شعرت بشيء يلمس قدمي. كنت في اللحظة التي تفصل الحلم بالحقيقة، جسدي كان مستسلمًا تمامًا لإغفاءة ناعمة. بدأ البرد يجتاحني من ظهري، فاستدرت لأرتّب الغطاء، لكن خيّل إليّ أن جسدًا يجلس على حافة السرير في ظلام الغرفة. انتفضت من مكاني وأنا أصرخ، أسرعت إلى النور أشعِله، فإذا به هو.. إنّه هو، أراه أمام عيناي، وهذه المرة لم أكن أحلم..

الصفحات