كتاب " نظرية التأويل التقابلي " ، تأليف محمد بازي ، والذي صدر عن منشورات الضفاف للنشر والتوزيع ، نقرأ من مقدمة ا
أنت هنا
قراءة كتاب نظرية التأويل التقابلي
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
في رِحاب الكَوْن المُتَقابِل
ما النُّصوصُ إلا فُهومٌ لِلْكَونِ البَليغِ عبر سلالمِ اللغةِ المتَقابِلَة، ثم استوتْ في كَينونَةِ الفُهَّام وخرائطِ الأرواح.. وإذْ يُصبِحُ التَّقابلُ خيْطا في إبرةِ التأويل، تصيرُ الرؤيا والفَهْمُ مُطَرَّزان بلونه. سَنُنْصت في رِحاب الكَوْن المُتَقابِل لصريفِ أقلام التأويل على ألواح النصوص، وصَريرِ مَفاتيحِ المعنى في أقفال البلاغات القديمة...
قال البليغ والعارف بِمَمالِكِ التَّأويل: إني أتساءلُ الآن وأنت قريب، وسيفعل الآخرون بعيدا وبَعْدَك: كيف تتفاعل التقابلات؟ وكيف تُفضي تأويلات الجزئيات إلى إدراكِ مَبادِئ الكُلِّيات؟
قلتُ: سنَبدأ بالجَلِيّات، وفي طريق رحلتنا نصوصٌ عنيدةٌ ما فتئ يدحوها نهرُ تاريخ التأويل، لكن على قَدْرِ الهِمَم تكون الاهتمامات. هاكَ المفاتيح، خُذها - مرة أخرى - بقوة، ومعها أقفال الإفصاحات.
هذا مقام إعداد الألواح، فحاولْ أن تُجَرِّب المفتاح...!
قال: إني أتأوَّل التقابلَ، والكَوْنَ المُتقابلَ، والمعنى الماثِلَ في النص عندي، ثُمَّ في الخِطابِ عِنْدَك!
قلتُ: حَسَنًا فعلتَ!.. اِركَبْ أفراس حِلْمِك واتْبَعْني، لا تَصْحَبني إذا لم يَهُزَّك حالي، ولم يَدُلَّك على الله مقالي...
قال: كَفاكَ..! لقد رَشَحَ بِكَ حالُ التأويل، وأخشى أن تجمَحَ بك خيلُ الأَوْهام في بَحرِ المعاني...
قلتُ: مَهْلاً أيها البليغ! سوف أُثَبِّت أوتادًا لمجرايَ ومَجْراكَ على الألواح... أما تساؤلاتُك، وشُكوكُك، وافتراضاتُك التي يفضَحُها فُضولُك المتَوَهِّج، وعِرفانُك المُبْتَهِج، فستجد جَوابَها في ألواح التَّقديم، ورقائقِ المسالك، وعتباتِ التَّنـزيلات.
لا تَعْجَلْ...! ضَعْ المفاتيحَ في الأقفال؛ إني أراك ممن لا يُلْهيهم الزَّبدُ على الرِّمال، ولا نُدَفُ الثلج في شوامِخِ الجبال، بل تستهويهم لُجَّة الحقائق في بَحْرِ الحالِ والمآل..
قال: هكذا أنتَ إذاً... بلاغةُ التأويلِ عندكَ مَرْكبٌ، والعلوم مجاذيفُ، والمؤَوِّلُ رُبَّان، والنَّص بحرٌ، والمعاني عُبابُ، ومغزى الحقائق رِهانٌ، والتأويل بَيان...