قراءة كتاب التاريخ الأسطوري لأحمر الشفاه

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
التاريخ الأسطوري لأحمر الشفاه

التاريخ الأسطوري لأحمر الشفاه

يحاول الكاتب نعيم عبد المهلهل في كتابه "التاريخ الأسطوري لأحمر الشفاه" الذي يعتبر محاولة مهمة في ربط الحياة بشكل مغاير ومختلف مع العاطفة والوجدان والرغبة والتربية والهواجس والأحلام حتى.

تقييمك:
4.8
Average: 4.8 (5 votes)
الصفحة رقم: 5
تسعى اللغة إلى إيجاد فهمٍ مشتركٍ مع المحيط، وهي كما الأم لديها ضرع وحليب وجسد دافئ، وهي سير خواطرنا, ونحن نحاول أن نجد ما نتمناه في أيِّ وجهٍ وصورةٍ ، وهي أيضاً تصنع الحلم والواقع وتصيره إلى معنى وحقيقة، كما أنها رابط للتواصل مع الأشياء من خلال جعلها كلماتٍ أو حروفاً تبني صورة للفكرة, والمعنى الذي نريد من خلاله تحقيق غاية ما. وعلاقة اللغة بالجنس والرغبة هي علاقة الأزل بصاحبه، وعندما نريد أن نعرف من هذا الصاحب نقول: إنهما الشريكين آدم وحواء، فهما كما في النص القرآني أولاً من تعلم الأسماء كلها، وهما أولاً من فكرا وناقشا كلام إبليس في ضرورة تحقيق رغبته التي كانت هي المعصية الأولى.
 
وعليه فإننا يمكن أن نعتبر الصورتين أدناه هما أول محفز لصناعة الرغبة, ومن ثم صناعة السرير مندمجاً بلحظات تفكير وهاجس كما اليوم، فقبلهما لم يكن الجماع في الفردوس سوى جماع لسعادة المطلق الخالية من هموم اليوم الحضاري وإرهاصاته ، هاتان الصورتان هما:التفاحة وورقة التين. لهذا يعكس شكل التفاحة وطعمه بعض ما نتمناه في كبتنا الحياتي منذ الطفولة حتى سن البلوغ؛ لهذا اقترنت نعومة قشرة التفاح وحمرته بخدِّ المرأة، وصار هذا الخدّ عطراً للكثير من رسائل العشق والقصائد والقصص الرومانسية, وحتى في مشاهد الحب في الأفلام السينمائية يبدأ وصال (بطل الفيلم) مع حبيبته من خلال قبلة على الخد, ومن ثم يبدأ المشهد في صورته التي كانت تخلق في صبانا فورة لا تنتهي إلا مع استمناء الأصابع.
 
أضع عبارة (استمناء الأصابع) في خانة المحظور الذي كان يصبغنا بألوان الخجل والخوف المجتمعي. وأعكسه على وقائع عولمة العالم الجديد في وطنٍ لم ينل ـ حتى الساعة ـ حرية أن يكون وطناً دستورياً ما دامت دبابات لواء (ويليام) المدرع تتجول فيه، هذا التجوال القسري الذي لا يتناسب مع صورة التفاحة وورقة التين، فحتماً لم يكن في حساب آدم وحواء ـ عليهما السلام ـ أن تمتد شهوة أبناء بلاد شجر السدر والنخل إلى خد مجندة, أو يطمح أحدهم أن يكشف عن ما وراء ورقة التين لهذه المجندة التي لا تستطعم حلاوة البلح, وطبخ قدور جداتنا بقدر ما تتلذذ بالسحق, وتأوه بذلة القتال وعطلة الصيف في الكاريبي. لهذا حاولت في هذا البحث أن احدد بالرؤية الشعرية بعضاً من هذا المحظور مدركاً مع دمعة أبونا آدم ـ عليه السلام ـ دموع أجيال لا تعد من أهل عفك ولارسا ونينوى... وغيرها من مدن المشانق والانقلابات, ومواويل البوذية, واسترخاء حقول الصيف في تخيل واحدةٍ تخلع عنك كل شيء, وتمنحك كل شيء.
 
لقد كنت أرى في اللغة مفتاح مشفرة شهوة الظل التي تسكننا منذ زمن التفاحة ولوح الطين، لهذا سنرى في تعبير النص صورة المتخيل في إيقاع جسد الأنثى فوق سرير البلاد التي مارسنا معها رغبة استمناء الأصابع في كتابة الواجب البيتي, أو رسم اللوحة, أو كتابة رسالة الحب, أو نعي واحدٍ من أحبة القلب والمحلة سرقته الحرب في غفلة عن رمش والدته؛ التي كانت تراقب ظلَّه حتى في نوبات حراسة ليالي الثلج.

الصفحات