أنت هنا
نظرة عامة
رواية " يوم غابت الشمس"، هذه الرواية: على مشارف المدينة القديمة، وقفت طويلاً، وقفت أتأمل واسترجع بذاكرتي صور الماضي القريب لهذة المدينة التي أنهكتها الحوادث وأنهكها تطاول الزمان، بيوتاتها الفخمة هرمت وشاخت واستحال بعضها إلى خرائب. أسواقها تغيرت، قناطرها الجميلة بدأت تختفي من الوجود.
شيوخ ونساء عجائز مروا بي وعبروا، لم يتبق منهم سوى صور مطمورة في الذاكرة: هياكل بشرية، وجوه ضامرة وعروق بارزة وأطراف مرتعشة وعصي يدبون بها على الأرض كلماتهم القليلة أفادتني الأحداث التي رواها لي بعضهم روعتني. وبدأت اسبر غور الماضي لأولئك الناس الذين عاشوا قبل قرن من الزمان، أكثر أو أقل. تجولت في مدينتهم القديمة في أسواقها وأزقتها ومحلاتها ومساجدها ودخلت الكثير من بيوتها فكانت هي أيضاً تحدثني وتكلمني ولكن بصمت.
صورة الماضي تومضُ وتنطفئ أمام ناظري فأحاول الإمساك بخيوطها وربطها لكنها تنفلت مني وتهرب مبتعدة لا تعبأ بي وأركض وراء ذيولها المنسحبة الآفلة ـ كخيوط الشمس الغاربة ـ عليَّ أن أحجز الصورة كاملة وأقدمها للأجيال القادمة وأقول لهم: أقرؤوا.... هذا ما حدث.
لكني سرعان ما تعبت وعجزت واستسلمت مكتفيا بما نلت منها وأخيرا أسعفتني الكتب والمجلات القديمة المركونة في زوايا المكتبات المنسية. نفضت عنها الغبار وأمسكت بالقلم وأعان الله فكانت هذه الرواية.
مشاركات المستخدمين