أنت هنا

$11.99
5المقالات النادرة

5المقالات النادرة

2
Average: 2 (1 vote)

الموضوع:

تاريخ النشر:

2017

isbn:

9789776601413
مكتبتكم متوفرة أيضا للقراءة على حاسوبكم الشخصي في قسم "مكتبتي".
الرجاء حمل التطبيق المجاني الملائم لجهازك من القائمة التالية قبل تحميل الكتاب:
Iphone, Ipad, Ipod
Devices that use android operating system

نظرة عامة

كتاب " 5المقالات النادرة " ، تأليف : عباس محمود العقاد  ، من اصدار: دار المحرر الأدبي ، ومما جاء في مقدمة الكتاب :

كان كاتب الخاصة، لأنه لم يكن كاتب العامة وأشباه العامة وهو لم يكن كاتب العامة وأشباههم، لأن هؤلاء يطلبون السهولة في التعبير والتفكير، وليس هو بسهل في تعبيره وتفكيره، بل كان لا يخلو من الغموض والتعقيد، ولا يهبط في أسلوبه عن مرتبة الجزالة والإتقان.

والعامة وأشباههم ينساقون لشيء من الرعونة والهوج في بدعة من البدع أو دعوه من الدعوات، وليس هو بصاحب رعونة أو هوج ولا بصاحب بدعة تصدع الأسماع أو دعوة تخلب العقول وتهيج الخواطر، بل كان أكثر ما يكون موفور الجد والرصانة، مكبوح العنان.

والعامة وأشباههم ينقسمون بين المعتركات والميادين، وليس هو من رواد المعتركات والميادين، بل كان كريماً على نفسه وعلى صحبه مؤثراً لعزلة الفكر وعزلة المقام.

ولا أحسب أن نصيراً من غلاة أنصاره يدعى له مزية الخصب والإشراق في نتاجه، ولكني كذلك لا أحسب أن مخالفاً من مخالفيه ينكر عليه مزية المتانة والسداد في جملة آثاره من الشعر ونثر ومن قصة ومقال. فهو متين شديد رصين، وإن لم يكن باللامع ولا بالمخصب أو المرتفع في الآفاق.

ذلك بول فاليري فقيد الأدب الفرنسي في أواخر هذا العام، بعد أن فقد في أوائله رصيفه رومان رولان.

والخاصة التي أعنيها هنا هي الخاصة الاجتماعية، وليست بالخاصة الفكرية أو الفنية.

وشأن هذه الخاصة الاجتماعية في فرنسا ليس بالقليل، فهي حتى اليوم صاحبة الكلمة التي لا تجهل في نصيب القادة العسكريين والقادة الفكريين، وفي الترشيح لرئاسة الجمهورية وللمجامع العلمية والأدبية، وهي بقية من بقايا النبلاء على عهد الإمبراطورية قد تنزوي عن الأنظار، وقد تغض الصوت حيناً بين جلبة السواد وصيحة المفرقين في التجديد، ولكنها رابضة أبداً في مكمنها للوثوب إذا حانت لها فرصة الوثوب، ولعل وثبة بيتان باسم المحافظة على القديم لم تكن إلا رجعة من رجعات هؤلاء الخاصة الاجتماعيين في عاصمة

الفرنسيين.

هؤلاء الخاصة الاجتماعيون (سلبيون) في أكثر الأذواق والآراء، ولم تبقى لهم قدرة قوية على الإيجاب والإنجاب.

فهم مثلا لا يعجبهم ما يعجب الدهماء والأوساط من الخفة والاندفاع، وهم لا يشاركون الجماهير في أذواق البدع وبهارج الحداثة، وهم لا ينطلقون في الضحك ولا في الحزن ولا في الغضب ولا في الهياج إلا بمقدار ما يسمح لهم أدب الصالون وشعائر النبل والوقار.

أما إنهم يرتفعون إلى الأفق الأعلى في التفكير والتقدير فليس ذلك عندهم بمضمون، وقد يضحون بالجمال الحي الرفيع أحياناً في سبيل الجمال الذي توحي به التقاليد.

وهذه كلها خصال ترشح (بول فاليري) عند هذه الطبقة للقبول والظهور، ويزيده قبولاً عندها أن تعلو في سماء الأدب الفرنسي نجوم باهرة لا تلتزم ذلك السمت الصحيح أو السمت المصنوع.