إن هذا الكتاب يجيء في زمانه، وهو زمان النظام العالمي الجديد، الذي بات العالم فيه يموج بالصراعات، والأزمات الدولية، بين أحلام الاستحواذ والهيمنة، وطموحات السيطرة والتأثير، والبحث عن الزعامة في عالمٍ مُتغير، وفي عصر يُعاني وهنًا على وهن في النظام الدولي، وغمو
You are here
قراءة كتاب إدارة الأزمات الدولية في ظل النظام العالمي الجديد
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 7
(ب) التعريف الاصطلاحي للأزمة:
B. The Terminological Definition of the Crises
تم استخدام مفردة (الأزمة) في بحوث ودراسات العلوم الإدارية، وعلم إدارة الأعمال، وقد كان لتلك البحوث والدراسات، الدور البارز في بناء التأطير والتأصيل المفهومي، والعلمي، والعملي، لحقلٍ جديد في علم الإدارة (وخاصة الإدارة السياسية)، هو حقل إدارة الأزمات.
وغني عن البيان أن أدب إدارة الأزمات لا يقدم تعريفًا ومفهومًا واحدًا متفقًا عليه، ومقبولاً على نطاق واسع لمفهوم الأزمة.
ويتمتع مصطلح الأزمة بدرجة عالية من الموضوعية (High Subjective)، ويشتق هذا المصطلح معناه من طبيعة الدولة، وطبيعة الأفراد، وطبيعة البيئة التي تتعلق بها هذه الأزمة.
ومصطلح الأزمة (Crisis)، مشتق من الكلمة اليونانية (Krisis)، والتي تعني لحظة القرار (Moment of Decision)، وفي التراجيديا الإغريقية القديمة، فإن الأزمات هي مواقف تحتاج إلى صناعة القرار، والأزمات تشكل نقاط تحوّل تاريخية، حيث تكون الخيارات، والقرارات الإنسانية، قادرة على إحداث تغييرات أساسية وجوهرية في المستقبل(8).
ونكرر القول بأن للأزمة تعريفات عدة، حيث تعددت التعريفات من قبل الكتاب، والباحثين، وذلك بتعدد خلفياتهم ومشاربهم، والزاوية التي ينظرون منها إلى كلمة أزمة، والمجال الذي يطرحونها فيه(10).
ومع ذلك فهناك تشابه كبير بين جل التعريفات حول مدلول الأزمة، وما تعنيه هذه الكلمة، وفيما يلي نعرض لجملة من المفاهيم التي يطرحها الباحثون، والكتّاب في الأدب النظري لإدارة الأزمات، ومنها:
- الأزمة هي خلل مفاجئ نتيجة لأوضاع غير مستقرة يترتب عليها توقعات غير متوقعة، نتيجة عدم القدرة على احتوائها من قبل الأطراف المعنية، وغالبًا ما تكون بفعل الإنسان(11).
- الأزمة هي موقف معقد ومتشابك، يتضمن درجة عالية من السخونة، وتتضارب ضمن هذا الموقف مجموعة من العناصر المتعارضة، والمتناقضة بصورة عالية، وتزداد درجة التعقيد والتضارب بتصاعد الأزمة، وتفاعل صناع القرار معها، ومع تفاعلاتها، ومع انعكاساتها المستقبلية.
- الأزمة بمعناها العام والمجرد، هي تلك النقطة الحرجة، واللحظة الحاسمة، التي يتحدد عندها مصير تطورها، إما إلى الأفضل، وإما إلى الأسوأ، الحياة أو الموت، الحرب أو السلم، لإيجاد حل لمشكلة ما أو انفجارها(12).
- الأزمة هي لحظة حرجة، وحاسمة، وقضية يواجهها متخذ القرار، حيث تتلاحق الأحداث وتتداخل، وتتشابك الأسباب والنتائج، وتختلط الأمور وتتعقد، وربما يفقد متخذ القرار للوهلة الأولى قدرته على الرؤية عند اصطدامه واحتكاكه بها، أو عند محاولته السيطرة عليها، أو على منحنياتها، وتوجهاتها(13).
- الأزمة هي حالة من عدم الاستقرار تتضمن إشارات، وتنبؤات بحدوث تغييرات حاسمة قريبة، وقد تكون نتائجها غير مرغوب فيها على الإطلاق، وقد تكون هذه النتائج إيجابية في بعض الأحيان ومرغوب فيها بصورة كبيرة(14).
- الأزمة هي عبارة عن خلل يؤثر تأثيرًا ماديًا على النظام كله، كما أنه يهدد الافتراضات الرئيسة التي يقوم عليها هذا النظام(15).
- الأزمة هي حالة توتر، ونقطة تحوّل تتطلب قرارًا ينتج عنه مواقف جديدة، سلبية كانت أو إيجابية، تؤثر على مختلف الكيانات ذات العلاقة(16).
- الأزمة هي موقف يواجهه الأفراد، أو الجماعة، أو الدولة، ويكونون غير قادرين على أن يتغلبوا عليه باستخدام الإجراءات العادية الروتينية، وهذا الموقف يؤدي إلى توليد وتكوين ضغط عمل، نتيجة التغيير المفاجئ(17).
- الأزمة حالة خلل وتمزق تؤدي إلى تناقض، وتغير مفاجئ إلى مستوى يصعب التوافق معه، وهذا الخلل يؤدي إلى إحداث تأثير مادي على مستوى الإدارة للدولة، أو المنظمة، ويهدد القيم الأساسية، والافتراضات الرئيسة، التي تقوم على أساسها الإدارة ونظامها.
- أخيرًا، وفي رأينا نرى بأن الأزمة هي: (انعكاس لموقف، ولحظة حرجة، وحاسمة، تتعلق بمصير الكيان الذي وقعت على مستواه "أسرة – منظمة - دولة ..."، وتشكل عقبة حادة أمام متخذ القرار مما يجعله في حيرة بالغة).
وبالبناء على ما سبق، وباستعراض التعريفات السالف ذكرها، يتبيّن لنا أن هناك عناصر مشتركة بينها، تُشكل خصائص، أو ملامح الأزمات.