إن هذا الكتاب يجيء في زمانه، وهو زمان النظام العالمي الجديد، الذي بات العالم فيه يموج بالصراعات، والأزمات الدولية، بين أحلام الاستحواذ والهيمنة، وطموحات السيطرة والتأثير، والبحث عن الزعامة في عالمٍ مُتغير، وفي عصر يُعاني وهنًا على وهن في النظام الدولي، وغمو
You are here
قراءة كتاب إدارة الأزمات الدولية في ظل النظام العالمي الجديد
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 10
(ج) مفهوم القوة القاهرة:
C. The Concept of the Great Power
يشترك مفهوم القوة القاهرة مع مفهوم الأزمة في أن كليهما يخرج عن سيطرة متخذ القرار، ويصعب التحكم فيه، إلا أن مفهوم القوة القاهرة لا يعبر عن الأزمة، أو ينطبق عليها تمام الانطباق، فالقوة القاهرة هي ظرف، وحالة تنشأ رغم الإدارة، وتؤدي إلى الإخفاق المعجز عن التصرف والسلوك، وهي بذلك ظرف من الظروف التي يصعب التنبؤ بها، أو التحكم فيها، والتي تحول دون قيام شخص معيّن بعمل معين متفق عليه مع شخص آخر، وغالبًا ما ينص على القوة القاهرة، وأحداثها، والشروط التي تنطبق فيها في التعاقد مع هذا الشخص.
وتختلف القوة القاهرة عن الأزمة، في كون الأخيرة ليست ذات طبيعة تعاقدية، كما هو الحال في القوة القاهرة التي تحول دون تنفيذ مهام، أو أنشطة محددة، تم التعاقد على تنفيذها مسبقًا.
(د) مفهوم الصراع:
D. The Concept of the Conflict
يعد الصراع من أكثر المفاهيم قربًا، أو تشابهًا لمفهوم الأزمة، وخاصة الأزمات الدولية، إذ إن الكثير من الأزمات يكون جوهرها صراع بين طرفين أو أكثر داخل الكيان، أو طرف داخل الكيان، وطرف خارجي، وتنجم الأزمات عن التعارض، والتناقض بين الأطراف المتصارعة، أو المتنازعة.
ويكمن الفارق الجوهري بين الصراع والأزمة، في أن الصراع لا يكون بنفس التأثير، ونفس حدة وشدة الأزمة.
ومن جهة أخرى، يكون الصراع أكثر وضوحًا من حيث أهدافه، واتجاهاته، وأبعاده، وأطرافه، بينما تكون هذه العناصر غير محددة، وغير معروفة بوضوح في الأزمة، ويتسم الصراع بطبيعة شبه دائمة في كل الكيانات(26).
(هـ) مفهوم الكارثة:
E. The Concept of the Disaster
تعددت تعريفات الكارثة، وتنوعت، وطرح الباحثون والكتاب العديد من التعريفات، منها:
- الكارثة هي حدث مفاجئ غالبًا ما يكون بفعل الطبيعة، يهدد المصالح القومية للبلاد، ويخل بالتوازن الطبيعي للأمور، وتشارك في مواجهته كافة أجهزة الدولة المختلفة(27).
- الكارثة حادثة محددة زمنيًا، ومكانيًا ينجم عنها تعرض مجتمع بأكمله، أو جزء من مجتمع إلى أخطار شديدة مادية، وخسائر في أفراده تؤثر على البناء الاجتماعي بإرباك حياته، وتوقف توفير المستلزمات الضرورية لاستمرارها(28).
- الكارثة هي حادثة كبيرة ينجم عنها خسائر كبيرة في الأرواح والممتلكات، وقد تكون طبيعية، مردها فعل الطبيعة (سيول – زلازل – عواصف...إلخ)، وقد تكون كارثة فنية أي مردها فعل الإنسان، سواء كان إراديًا عمدًا، أو لا إراديًا بالإهمال، وتتطلب لمواجهتها معونة الوطن، أو على المستوى الدولي، إذا كانت قدرة مواجهتها تفوق القدرات الوطنية(29).
- والكارثة هي كل ما يحدث من حريق، أو هدم، أو سيل، أو عاصفة، أو زلزال، أو أي حادث آخر من شأنه أن يلحق الضرر، أو يهدد بالخطر حياة الأفراد، أو الممتلكات العامة، أو الخاصة(30).
وعليه يمكن القول: إن مفهوم الكارثة يختلف عن مفهوم الأزمة، والكارثة في أغلب الأحيان تكون ناجمة عن عوامل طبيعية خارجة عن إرادة الإنسان، وغير خاضعة لإدارته، ولذلك فإنه ينتج عن الكوارث الكثير من الجوانب الإيجابية، مثل:
- حشد طاقات الموارد البشرية في المجتمع المنكوب، نحو العون والمساعدة بما يستطيعون.
- توحيد الجهود من أجل التغلب على نتائج الكارثة.
- تعبئة المشاعر العامة للمواطنين، والمؤسسات للعمل الجاد للتغلب على الكارثة.
ومن نافلة الكلم التذكير بأن الكوارث قد تكون سببًا في حدوث الأزمات، ولكنها بالطبع لا تكون هي بذاتها الأزمات، فعلى سبيل المثال إذا ما حدثت الكارثة الطبيعية كالبراكين، أو الزلازل، أو الفيضانات، فهي كوارث طبيعية لا يمكن توقع حجم الضرر الناتج عنها، ومن ثم يُنتظر حتى تنتهي الكارثة، ويُعرف ما أسفرت عنه من نتائج، ثم تكون هذه النتائج من مسببات الأزمات، مثل أزمة المأوى أو المسكن، وأزمة الغذاء، وأزمة الاتصالات، والمواصلات، وانعدام الأمن، وغيرها(31).
ذلك هو الحديث عن الأزمة، بمفهومها اللغوي، والاصطلاحي، وبيان العديد من المفاهيم المشابهة للأزمة، أو التي تختلط بها، ويتطلب الحديث الآن معرفة الأنواع المختلفة للأزمات.