ديوان "يوم قابيل والأيام السبعة للوقت" للكاتب والشاعر السوري نوري الجرّاح، الصادر عن "دار راية" في حيفا، يضم قصائد تستوحي أَجواء المحنة السورية الراهنة، والتي يطفر فيها الدم غزيراً، جرّاء توحش السلطة الحاكمة ضد الشعب السوري في ثورته.
قراءة كتاب يوم قابيل والأيام السبعة للوقت
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 1
ثلاث مجازفات ورهان رابح
صبحي حديدي
I
يشير نوري الجراح إلى أنّ قصائد هذه المجموعة، وهي العاشرة له منذ «الصبي»، 1982، كُتبت خلال سنوات 1990 ـ 2012؛ وهذا الخيار ليس جديداً في الواقع، إذْ أنْ جميع أعمال الجراح دأبت على ضمّ قصائد تتراوح آجال كتابتها بين خمس سنوات إلى 13 سنة، باستثناء «طفولة موت»، التي استغرقت قصائدها سنتين فقط، 1991ـ1992. الأمر، مع ذلك ينقلب إلى مجازفة محفوفة بالمخاطر، حين تتألف هذه المجموعة من قصيدة واحدة طويلة، «الأيام السبعة للوقت»، كُتبت خلال سنة، نيسان (أبريل) 2011 وحتى نيسان 2012؛ و17 قصيدة، متوسطة الطول أو قصيرة، تمتد تواريخ كتابتها على 22 سنة!
هي مجازفة تنبثق من احتمال تقلّب الأساليب، وتلاطمها، وتصارعها، ليس بمعنى التوافق وحده، بل بوسيلة التنافر أيضاً؛ أمام قارىء اعتاد منطق الكتابة المألوف أن يجعله ينتظر من الشاعر، أو من الكاتب عموماً، وكاتب الأنواع الإبداعية خصوصاً، طرازاً من التجانس النسبي في الأسلوب، خلال طور زمني محدد، يشهد صدور عمل محدد. فإذا عكف قارىء ـ عادي أو متوسط، وليس عالي الدربة في تثمين النصّ الشعري ـ على قراءة مجموعة الجراح الأولى، ثمّ انتقل مباشرة إلى التاسعة، «الحديقة الفارسية»، مثلاً؛ فإنه، اتكاء على سيرة التذوّق الشائعة والمشروعة، سوف يجد فروقات أسلوبية جلية، وسيحتسبها لصالح الشاعر، لأنه ببساطة سوف يردّها إلى تطوّر فنّ الشاعر، وارتقاء مهاراته في اللغة والموضوعات والصورة الشعرية والتشكيلات الإيقاعية، وما إليها. أما أن يُزجّ القارىء في لجّة 22 سنة من معترك هذه المهارات، دفعة واحدة، على نحو يفسح المجال أمام اشتغال مطحنة أساليب بدل الاكتفاء بالأسلوبية، أو حتى جمهرة الأسلوبيات المتقاربة، الأحدث عهداً؛ فهذه مجازفة شائكة، وشاقة، وليست شائعة في أقلّ تقدير.