رواية "يا صاحبي السجن" للشاعر والروائي الأردني د. أيمن العتوم ، صدرت في طبعتها الثالثة عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر للعام 2013، وتحكي الرواية تجربة الشاعر بين عامي 1996 و 1997.
You are here
قراءة كتاب يا صاحبي السجن
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 2
في البئر وجد كثيرًا من الكنوز المدفونة··· رموه هناك وقالوا: يلتقطْه بعض السّيّارة، ولم يعلموا أنّ النبوءة أوّلها إلقاءٌ في الجبّ···!! مساكين أولئك الّذين ظنّوا أنّ الموت أو الغياب السّحيق سوف يُودي بصاحب الجبّ، لم يَدُر في خَلَدهم يومًا أنّ الفضاءات المُطلقة تبدأ من الجحور الضّيٌقة··· هُناك تُصنع الحياة، ويُعاد ترتيب مكوّناتها··· هناك يتهجأ الإنسان حروف ولادته من جديد···
وبلا ادّعاء أو عجرفة··· لقد كنتُ - حقًّا - هناك···!!
إلاّ أنّ الذّكريات رصاصةٌ طائشة؛ قد تقتلك وأنت غير مستعدّ لبقعة دمٍ كبيرة تحيط بك مُلقىً على فراش الحنين··· وقد لا تُحدث إلاّ ضجيجًا يمرّ قريبًا من أذنٍ تتشهّى سماع أخبارٍ تُوهِمُ نفسها بأنّها سارّة وهي ليست كذلك أبدًا···
بين فاصلين زمنيَّين يلتقط المرء أنفاسه، ليُصغي إلى إيقاعها وهي تدور من جديد، بين رصاصَتَين يلتقط القتيل جسده ليصبح شاهدًا على زمن الظّلم، وبين كلمتَين يصنع الشّاعر مجده حين يتقن حَرْفَ الحَرْفِ، ويذهب عميقًا في التّأويل والتّأمّل···
ليس سهلاً أن أَقِفَني لأُسلّم عَليّ، بعد أنْ أَنْكَرْتُني··· لا أدري لماذا نتنكّر لأنفسنا أحيانًا، نخون ذلك الملاك الّذي يعيش فينا··· لم يكن ملاكًا، فأنا لست يونانيًّا يحاول أن يمجّد الآلهة··· أنا إنسان يطفح في الجبّ بماء الشّعور··· أنا شاعر بسيط يحاول أن يبتلع آلة الزّمن ليرجع بذاكرته إلى الوراء قليلاً فيكتب ما غيّبته سجونُ الأيّام والسّنين··· لكنّ ألف صارخة في الطّريق تُعول وتصيح، ليس لأنّها ثكلى، ولكنّها تفعل ذلك لكي لا تمنحني الطّمأنينة والسّكينة الّلتين بهما أكون قادرًا على استصفاء مجاري النّبع في مخيّلتي فأكتب بأمانة، أو قل بدقّة معقولة···
ها أنذا أصمّ أذني - وأنا أسير واثق الخطوة - عن كلّ ناعقات الطّريق، استخدمتُ قُطن الحقيقة من أجل أن أنجح في مسعاي الصّعب هذا··· تراني أنجح؟ ربّما· تُراني أُخفِق؟ ربّما···· ولكنْ يكفيني أنّني حاولت···!!!