قراءة كتاب نافذة على القصة القصيرة الفارسية الحديثة

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
نافذة على القصة القصيرة الفارسية الحديثة

نافذة على القصة القصيرة الفارسية الحديثة

نافذة على القصة القصيرة الفارسية الحديثة، كتاب أدبي نقدي للدكتور احسان صادق اللواتي الاستاذ في جامعة السلطان قابوس في مسقط، صدر عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر عام 2011،  يتناول الكتاب القصة القصيرة الفارسية الحديثة، ويقول مؤلف الكتاب في تعريفه لعمله: هذ

تقييمك:
0
No votes yet
المؤلف:
الصفحة رقم: 8
سأشتري لك منديل رأس أحمــر
 
ابتسمت ابتسامة طفولية، ومن حسن حظه أنه رآها، فكانت عنده في قيمة الدنيا كلها· وحين وصل إلى سوق دماوند الصغيرة، كان أول ما صنعه أن اتجه إلى بائع ثياب، واشترى منه منديل رأس أحمر ذا ورود وأزهار خضراء وصفراء، ثم اشترى سكراً وشاياً· وضع كل ذلك في صرته ذات القماش المخطط، وبخطوات وسيعة اتجه إلى بيته الصغير· ومع أنٍَّّ المسافة من المدينة إلى بيته كانت فرسخين، فإنها لم تكن تبدو في نظره أكثر من قطع ميدان واحد· لقد أصبحت حياته الآن ذات هدف ومعنى، على الرغم من كبر سنه وسوء حاله· أخذ يحدّث نفسه في أثناء الطريق:
 
هذا المنديل يليق بلاله، فسينزل على كتفيها، وستعقد طرفه تحت صدرها
 
وكأنه أحس بعد هذا بالخجل، فقال في نفسه:
 
يجب أن أحسن رعايتها؛ لأنني في منزلة أبيها، وعليَّ أن أجد لها زوجاً صالحاً، لكنّ تذكّره أنَّ عباساً الراعي يحبها جعل الدم يحتقن في رأسه·
 
أخذ يسلك طرقاً منحدرة ومرتفعة، ويجتاز الهضاب والجبال والسهول· لم يكن يبصر أحداً في مسيره، أو يحس بشيء، حتى تعب الطريق لم يظهر له أثر فيه· كان فيما مضى إذا مّر بالمواضع المعمورة القريبة يكثر من النظر إلى السماء ليرى ما إذا كانت ستمطر أم لا، وينظر إلى الأرض ليتعرف محصول الآخرين، ويستفسر عن أسعار الشعير والحنطة واللوبيا والتوت المجفف والبطاطا والكرز والمشمش وغير ذلك· أما الآن فلا يشغل فكره سوى لالة· محصول أرضه لم يكن جيداً هذه السنة، فاضطر إلى إنفاق بعض مدخراته، لكن هذا لا يساوي في نظره شعرة من لاله· في هذه الأثناء مرّ بجانب مجموعة من الأشجار، وانتقل إلى جادة أخرى حيث بدا لناظريه على مرتفع مقابل، بيته الصغير مثل علبتي كبريت مكسورتين متجاورتين· حثّ خطاه، وضمّ يد صرته إلى نفسه قاطعاً الطريق الذي يعرفه جيداً· تعدّى مرتفعاً آخر، ثم انحرف قليلاً، ليكون بعدها أمام بيته· لكنٍّ لاله لم تكن هناك، لا على الصخرة ولا في الغرفة· وقف قرب الباب، ورفع يده إلى جانب فمه، ونادى: لاله·· لاله·· لالو·· لالو·· فسمع صدى صوته يجيبه: لاله·· لالو·· وامتلأت نفسه رعباً· ركض فوق الصخرة وأمام البيت، وتفحص الأطراف، فلم ير أثراً لثوبها الأحمر· رجع إلى الغرفة، ودقق فيها، وفتح صندوق لالة الصغير، فوجده خالياً من الثياب الجديدة التي كان قد اشتراها لها هذه السنة· كاد يجنّ، ولم يعد يعي شيئاً· خرج مرة أخرى، وعند عين علا اصطدم بشيخ القرية الذي كان -بجبّته الطويلة وقبعته الزرقاء المتشققة وشاله وسرواله الأسود وقبائه ذي الشقوق الثلاثة- يدخن غليونه تحت شجرة· نظر إلى خداداد نظرة مسمومة جعلته لا يجرؤ على أن يسأله عن أي شيء· وأبعد قليلاً، فرأى امرأة ذات ثوب أحمر وسروال أسود وشعر مجدول، قد ربطت طفلها على ظهرها· وهذه أيضاً لم تستطع أن تعطيه عنواناً للاله· فرجع لا يلوي على شيء·

Pages