رواية "الحب والخبز"؛ لقد صدر كثير من الروايات والقصص عن فلسطين وقضيتها ومأساتها وصمود أبنائها، ولكن " الحب والخبز" بما تضمنته من سرد واقعي ومآسٍ حقيقية وخلفية أليمة للأحداث الدامية وأبعادها، جعل هذه الرواية تتميز عن سواها بأنها الأفضل والأعمق والأصدق!
You are here
قراءة كتاب الحب والخبز
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 5
بعد قليل فرغ الرجال من مهمتهم؛ فودعت أمي الجارات وكذلك فعل والدي مع أزواجهن، ثم أشار إلينا والدي بالتوجه إلى
السيارة قائلا >يالله يا بنات اركبوا< فاركبونا في مؤخرة السيارة حيث تركوا لنا مساحة نجلس فيها بين الأمتعة، وما زالت حيرتي على
أشدها.. وسؤالي >أين سنذهب< يجول في خاطري.. بعد أن اطمأن والدي لوجودنا جميعا، وبعد أن أغلق الباب بإحكام وأوصى فرح بنا، توجه وأمي
وأخي منذر إلى مقدمة السيارة، فجلسا إلى جواره.. دار المحرك وما زال الجمع ينتظر وبدأت السيارة تسير ببطء؛ فأخذ الجميع يلوحون بأيديهم ويتمنون لنا
التوفيق والسعادة في سكننا الجديد، ولم يفتهم أن يطلبوا من والدي تزويدهم بأخبارنا أولا بأول، وأن يرجع إلى قريتهم اذا لم يجد عملاً في المدينة. وسمعت
والدي يقول >شكرا... شكرا، الله يخلف عليكم، والله إن جيرتكم الطيبة تعز علينا كثيرا ولكن هذا ما كتبه الله لنا.. إن
شاء الله نلتقي في فلسطين يا رب<.. فردد الرجال من خلفه "إن شاء الله... إن شاء الله".
نظرت إلى الكلب والقطة وحيرني عدم مرافقتهما لنا، وخلت أنهم سيرفعونهما بعد قليل، ورأيت الكلب وقد جلس على مؤخرته رافعاً
رأسه، فاتحا فمه، محركا لسانه داخل فمه وخارجه، أما القطة فقد جلست إلى جوار صغارها في حالة ترقب.. ينتظرون مصاحبتنا وأنتظر مصاحبتهم...
بدأت السيارة تسرع أكثر.. فصرخت بلهفة..
نسينا الكلب والبساس، ولكن فرح قالت:
انت هبلة ؟ لن نأخذها.. فسقط قلبي وأحسست بغصة شديدة.. نترك كلبنا وقطتنا وصغارها، أليست بعض اسرتنا ؟ لمن نتركها ومن سيرعاها، ومن سيضع
لها الماء والطعام ؟ يا إلهي ما هذه القسوة.... لا يجوز حرام... حرام... وترقرقت دمعة من عيني وانا ارى الناس يلوحون لنا بأيديهم وأحبائي
ينظرون بلهفة... فرددت على فرح بكلمة واحدة >ليش.. ليش< ولكنها لم ترد.
تحركت السيارة أكثر فمشى الكلب وراءها والقطط خلفه، كمن تودع حبيبا ًغاليا ًمفارقاً..