رواية "محمّد صالح وبناته الثلاث- شهربان، وخير النساء، وفاطمة جل" هذه رواية قد تنطبق أحداثها وشخوصها وخطوطها العامة على الكثيرين ممن سكنوا في فرجاننا، وعاشوا معنا في السراء والضراء، وشاركونا همومنا وأحلامنا، وتقاسموا معنا موائد الطعام ومقاعد الدرس وملاعب الل
You are here
قراءة كتاب محمد صالح وبناته الثلاث
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 5
حينما حضر محمد شفيع لإقامة الصلاة وإمامة المصلين، أشفق على حال زوج أخته الراحلة· أراد أن يتجه إليه فورا ليسأله عن أسباب حالته المزرية، لكنه أرجأ السؤال إلى ما بعد أداء الصلاة التي كان موعدها قد حَلّ·
بعد أن أتم الجميع صلواتهم وأتبعوها بالنوافل والابتهالات والأدعية، وكاد المسجد يصبح فارغا، اختلى محمد شفيع بصهره:
- أراك منهكا ومهموما يا أبا شهربان·
- ومن لا ينهك من متاعب الحياة وهمومها يا أبا إسماعيل؟ أنت أقرب الناس إليّ وأكثر من يعلم بظروفي ومشاكلي·
- هوّنها يا رجل! هموم غيرك أكبر وأكثر، لكنهم لا زالوا صابرين ومتعلقين بالأمل·
- لقد صبرتُ كثيرا، ولم تعد لدي القدرة على المواصلة! ألا يوجد لديك حلٌ لمن كان يواجه وضعا كوضعي؟··· أنت أكثرنا علما واطلاعا، وأغزرنا تجربة، وأكبرنا مكانة، وأسرعنا اتصالا بأخبار من يصل إلى تخوم قريتنا من الغرباء، وليس مثلي أمياً، بالكاد يعرف قراءة كلمة·
- الحل الوحيد الذي يمكن أن أقترحه عليك هو التشبه بأبناء قريتنا ممن هاجر إلى سواحل الخليج العربية، حيث مواطن آبائنا وأجدادنا وأبناء عمومتنا، وحيث الرزق الوفير، والخير العميم، والتسهيلات العديدة لمن يريد اقتناص الفرص وبدء حياة جديدة ناجحة·
- ماذا تعني يا خال البنات؟
- هاجر يا محمد صالح مثلما هاجر غيرك! ألم تسمع بابن قريتنا البار زَيْنـَـلْ الذي هاجر إلى سواحل الخليج العربية ثم قطع براري الجزيرة العربية حتى بلغ الأراضي المقدسة في الحجاز، فامتهن هناك تجارة الأرزاق(8)، وحينما أفاء الله عليه من خيراته تصاهر مع العائلات الحجازية الشريفة وتقرب من حكامها وأمرائها، حتى احتل هو وأولاده وأحفاده أعلى المناصب وصاروا من أصحاب الحظوة والنفوذ·
- نعم بلغتني تلك الأخبار··· لكن زينل كان عالما متبحرا، أما أنا فرجل أمي، لا أجيد أية مهنة، ولا أمتلك أية تجربة تعينني على الكسب الحلال·
- إعمل في التجارة بمفردك أو بالمشاركة في بادىء الأمر، ثم انتقل منها إلى ما شئت من الأعمال· وفي الوقت نفسه حاول أن تتعلم وتراقب ما يفعله الآخرون، واحرص على أن تكتسب من المهارات ما ينقصك·· علّم نفسك بنفسك كما فعل الكثيرون من أبناء قريتنا والقرى والبلدات المجاورة مثل بَستـَـك، وعوض، وخـَلور، وهُرمود، ومُقام، وخَمير، وباغ، وكوهــَج، وجَناح (تلفظ جُنَه بضم الجيم وفتح النون)، وبوتشير، وخــُور، ومراغ، ودشت، وكلدار، وخُنج، وبهده، ومَيديه (تلفظ بفتح الميم وتسكين الياء الأولى)·