You are here

قراءة كتاب صرخة

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
صرخة

صرخة

هذه "صرخة" مها القصراوي في عالم الصمت المريب، عالم عنفه صمت، وصخبه صمت، وتواطؤه صمت، والحركة الموارة فيه صمت.

تقييمك:
0
No votes yet
المؤلف:
الصفحة رقم: 2
البحر سر هذه المدينة ··· فيه الموت والحياة ··· أعشق حزنه وألمه وانكساره ··· أحتضن صمته ··· هو صديقي ··· اليه أشكو ألمي ووحدتي··· أتأمله ··· إنه يشبهني ··· البحار في بلادنا تشبهنا ··· مقيدة بكواسر وحواجز تمنعها من الهيجان ··· أي بحر هذا الذي لا موج فيه ··· لا صعود ولا هبوط ··· بحارنا كسرت وهادنت ··· وهدأ صخبها ···
 
أيها البحر المحاصر بين الكواسر ··· هل حوصرت ··· هل ابتلعوا ماءك، وما عاد لك سوى الركون ··· هل أفقدوك المد والجزر ··· أم أحسبك غير قادر على هذه الظاهرة الكونية ··· لا عليك ··· ابق راكداً ··· كما أنت ···لأنهم أرادوا لك ذلك···
 
أي حزن في سكونك؟ ··· أيها المجنون في صمتك وانكسارك ··· تشبهني ، أشبهك ··· أذوب فيك حد التماهي ··· ماذا حدث ··· أراك تنثر ذكريات وئدت في زاوية ما···
 
يا صديقي الزمن خط باتجاه واحد ··· لن يعود ، وما يبقى إلا ذكريات ···
 
لا ملاذ لي في هذه المدينة إلا أنت ··· جئتك حزيناً ··· غريباً أبحث عن صوري ··· أسمع صوتك ··· موجتك توشوشني ··· تعصرني ألماً وأنا أراها تتكسر على شاطئك ··· تعانقه ، تنفلت مبعثرة ··· إنها أنا ··· هذه الموجة اليتيمة ، ُيتمها يشبه يتمي ··· وحدتها تشبه وحدتي ···
 
سنوات العمر تزحف ··· خيبتي وانكساراتي أحملها في ذاكرتي وأرحل ··· ضاع العمر في المدن وما بقي إلا ذكريات ضبابية ··· في هذه المدينة القابعة في ضبابها وصمتها ، لا ملجأ لي سوى البحر والشوارع ·
 
نظرت في ساعتي ··· عقربها يقفز مسرعاً ··· الزمن يجر خطواته سريعاً ··· لماذا تقفز عقارب الساعة ··· الأرض تركض في هذه النقطة ··· ربما ··· تخاف من الشمس ··· فتلهث هذه المدينة باحثة عن ليلها ··· تختبئ خائفة مرعوبة ··· الزمن لا قيمة له ··· كل شيء يفقد قيمته ···
 
الأشياء ··· الإنسان ··· الزمن ···
 
وما بقي إلا الساعة تركض عقاربها تستعجل الأيام والليالي ··· آه من هذا الزمن اللعين ··· فقدت كل شيء وانتهى بك المطاف في مدينة تلمح عروبتها ··· احترقت تلك المدن لتكبر مدن خارج حدود الزمان والتاريخ ···
 
اتخذت أحد المقاهي ملاذاً لي من الحر الشديد ··· اختبأت في إحدى الزوايا··· شعرت بلسعة برد وقشعريرة تسري في جسدي ··· الساعة مرة أخرى تقفز ··· إن شيئاً ما يحدث لهذه الساعة اللعينة ··· لماذا تهرب عقاربها ؟··· كأنما هي ملاحقة ··· العقارب تجري في سبق إلى الأمام والذاكرة تلهث إلى الوراء ··· لماذا يطل الماضي برأسه دائماً ··· فقر حاضري وتعاسته ، جعل للماضي سطوة عليه ··· والمستقبل مهزلة لا يجب التفكير فيه ··· أنا مرهون للحظة الحاضرة ·· · تسيّرني كيفما تريد ··· وأينما تريد ··· لم يعد للمستقبل مكان في حساباتي ومخيلتي ··· وأحلام اليقظة كلها أصبحت أحلاماً ماضوية·

Pages