رواية الكاتب البحريني محمد عبد الملك "الإمبراطور الصغير" الصادرة عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر عام 2010، نقرأ من أجواء الرواية:
You are here
قراءة كتاب الإمبراطور الصغير
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية

الإمبراطور الصغير
الصفحة رقم: 6
وهل هو مريض بجنون العظمة؟ في هذه اللحظة يرتفع عن المقعد، ويذهب إلى المرآة الكبيرة التي كانت مصدر غرابة للجميع كان يحب أن يقف أمامها كل ساعة ببذلته العسكرية.
ما رأيّ الأهالي في كل هذا؟
يذهب عقله إلى مصر والعراق· الانتفاضات هناك لا تنتهي· الكلام عن مجلس تشريعي؟ ماذا يفعل هو إذن؟ هل يحكم الرعاع والجهلة هذه البلاد وتصادر الحضارة من الأرض؟ ما الذي يحدث بالفعل؟
وراح يتذكر العرائض التي تقدم له· وأفواج من الزعماء وكبار القوم يفدون إلى قصره في الأسبوع الواحد، يحملون أوراقاً مكتوبة وكلاماً· الأوراق نفسها تصله هو بدوره في أحيان أخرى: (نسخة لسعادة الإمبراطور)· لكن المطالب واحدة مع فروقات قليلة·
كان يفكّر الآن، وهو في مكتبه في عزل الطوائف بعد أن راحوا يلملمون أطرافهم بعد فرقة طويلة· التواصل الجديد يحدث بين كل الطوائف للاتفاق على المطالب، وتوحيد الصفوف، وهو ما يقض مضجعه، وهو يحدث لأوّل مرة بعد تناحرات متتالية عبر قرن· كان الإمبراطور يتفرج على هذا الاقتراب الطائفي ويضحك·
يستحق الأمر سيجارة جديدة، أشعلها في الحال وأرسلت دخانها· قرأ أفكاره بلذة وهدوء وسلام· بعض بوادر اليأس تنتابه، لكنه لا يقاومه· القوّة تبعث الاطمئنان في نفسه· لكن المندوب السامي ليس في صفه· وتحت إمرته الشرطة، وجيش الإمبراطورية، فهل يحتاج إلى قوّة الطيران في قاعدة الحيف؟ يبتسم ويتذكّر جريدة الشعله، والكلام الذي دار فيها·
المجلس التشريعي؟ هل أتلقى أوامر من هؤلاء الأميين؟
لكن هذا ليس كل شيء، فاللؤلؤ إلى كساد، وقد أخذت إخفاقات اللؤلؤ تترى وتتأكد هزيمته، وهو سيد الاقتصاد، والبلاد تعيش من موارده·
سوق اللؤلؤ ينحدر·
واللؤلؤ الصناعي الياباني يغزو الأسواق العالمية· لا طلب على لؤلؤ بلاد الأرخبيل· لم يعد هذا اللؤلؤ ملكاً متوجاً في العالم· واستغنت عنه غانيات القصور وجميلات المواسم والموائد· سفن الغوص تتناقص ·· الغوّاصون يهجرون البحر بعد أن منحوه حياتهم ··· يذهبون إلى المدينة بحثاً عن عمل· يجوع البحارة ويحزن النواخذة والطواويش ويفرغ البحر·
دمّر اليابانيون حيوات بأكملها في الجزر، وتركوا البحارة يزحفون من الماء إلى البر باحثين عن مأوى ولقمة· وماذا عن الذهب؟ ما زال اكتشافه صعبا وربما لا يجد عمال الذهب سوى التراب·
يقول الإمبراطور وهو متجه إلى المرآة:
الآن مهمتنا ستكون أصعب·
يعرف الإمبراطور إن الاقتصاد هو عصب الحياة· تستطيع أن تحكم شعباً مرفهاً بسهولة، فيما ·· من الصعب أن تحكم شعباً جائعاً قال:
- يجب أن نفعل شيئاً لبقائنا فإدارة المستعمرات غاضبة، وتصفنا بالضعف·
مشاكل أقل وبقاء أطول· يؤرقهم انحدار اللؤلؤ· الناس سيزدادون ضراوة من الفقر والمجاعة، والفاقة القادمة· وبينهم ينتشر الخوف·
وسفن الغوص تتوقف عند الشواطئ· وتباع اللآلئ بأسعار منخفضة· والبحارة الحفاة مبعثرون في الأسواق يبحثون عن عمل· بعضهم توجه إلى المزارع، لكن الفلاحين هناك ·· ؟ فائضون على الأرض، والحمّالون يملأون الموانئ، والأسواق· ولا توجد أعمال للآلاف من الناس·
ذهب الإمبراطور الصغير إلى مكتب المندوب السامي الذي أشار إليه بالجلوس قائلاً فيما الإمبراطور يأخذ مقعده:
- ما أخبار عمّال مناجم الذهب؟·
- تمت السيطرة عليهم وفصل زعماؤهم·