رواية الكاتب البحريني محمد عبد الملك "الإمبراطور الصغير" الصادرة عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر عام 2010، نقرأ من أجواء الرواية:
قراءة كتاب الإمبراطور الصغير
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية

الإمبراطور الصغير
الصفحة رقم: 9
تذهب الطوائف مجتهدة، مجهدة إلى طريق واحد· كتفًا بكتف، ويداً بيد، وبعد ذلك دماً بدم· سيهرق الإمبراطور دماء أخرى· دماء عمّال المناجم في مواجهات قسرية، يشاهد الزعيم بمعية العمّال بعد عودته من المنفى·
ماذا يريد العمّال ؟ وما لديهم من مطالب؟
ليس سوى حماية حياتهم من الخطر، وتأسيس مجلس تشريعي، وتحسين ظروف العمل، ومساواتهم في الأجور مع الأجانب، وأن يُمنحوا رواتب أفضل، وبدل مواصلات، ووقود إضاءة، وإجازة مدتها ثلاثون يوماً، وأن تبنى مساجد في مكان العمل·
كانت الطبقة العاملة في المناجم، تشعر بأهمية تشكيل لجنة تهتم بشكاوى العمّال ومطالبهم·
الطلاب في الشوارع يبدأون هجومهم المضاد الأوسع في موازاة مع مطالب العمّال المرفوعة· المنشورات السرية، والملصقات السياسية، والبيانات والكتابات على الجدران تملأ البلاد: أين يذهب الذهب؟
لا يثق الأهالي بهؤلاء اللصوص·
يتصاعد التحريض، واللغط الشفوي في المقاهي، والأندية، والبيوت أيضاً، وهو تحريض أمضى من المنشورات السرية، والملصقات، والبيانات؛ لأنه مستمر كل لحظة وكل دقيقة، ويشترك فيه النساء، والصبية، والشيوخ·
كانت مناجم الذهب تصدر الغضب والاحتجاج، وبين أعماقه المخيفة والخطرة كان العمّال المحليون يتحدثون عن قضاياهم الخاصة في همهمة تتوارى وسط ضجيج الآلات والحفر ·
بطش الإمبراطور هو وليمة الكلام آخر الليل، وإفطار الصباح·
العمّال يصدرون النشرات السرية والملصقات على الجدران، والبيانات النارية، وهم أنفسهم يقودون التحريض خارج المناجم·
اجتمع الهم الوطني بالهم المهني·
التقى عمّال المناجم على أهداف واحدة· وجدوا أنفسهم في قارب واحد سيغرق بعد قليل، وعليهم أن ينزفوا الماء الذي يهدد حياتهم، وأن يجدفوا بالقارب في اتجاه معين· ازدادت الألفة بينهم·
وحّدتهم الآلام والآمال·
صهرهم الوجع والخوف·
ما يحدث لم يحدث من قبل· في العقود السابقة كانت تحركات الأهالي لنيل مطالبهم فئوية تخص طائفة دون أخرى· كانوا ممزقين كالورق·
فوجئ الإمبراطور بتظاهرات كبيرة غطت العاصمة مطالبة بتوزيع أموال الذهب بينهم أسوة بالإمبراطور·
الإمبراطور معتاد على هضم الحقوق مثل: تمديد ساعات العمل، والأجور الهابطة، ولا إجازات سنوية وأسبوعية، ونقابات· الإمبراطور يستغل جهل الأهالي، وظروف الفقر، والفاقة، فيمنحهم أجورًا قليلة وإجازة سنوية ·· خمسة أيام فقط! ولا مقابل مادياً عن إجازة يوم الجمعة· لا نقابة· لا ظروف عمل آمنة· وفي الصيف لا يتوافر لهم ماء بارد كما يوفره للأجانب، وفيما كان الأجانب يسكنون في بيوت من حجر، كان الأهالي يسكنون في بيوت من سعف النخيل·
الإمبراطور يستحوذ على الذهب· يستخرج العمّال الكثير من الذهب والإمبراطور يقول للأهالي إن الذهب قليل، وبالكاد يغطي مصاريفه!
لكن كل هذا البلاء يبدو صغيراً أمام الجوع، والضياع الذي خلقته إخفاقات صناعة اللؤلؤ·