في رواية «وجهة البوصلة» لنورة الغامدي، الصادرة عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر2002، تبرز صيغ عدة للعلاقة المأزومة بين المرأة المثقفة والرجل.
You are here
قراءة كتاب وجهة البوصلة
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 6
* يوسف هناك··
* أين ؟
* في البرزخ··
* لكنه الوادي يا عمة··
* أقسم برأس أبي عبود إن يوسف مستخفٍ هناك·
* يوسف·· مات··
* كل من يموت يحتويه الجد العظيم، ينثر حوله الحراس من الكلاب والأفاعي·
* لكن السبتي يقول: إنه حرم ليس للبشر مقام ولا منام فيه·
* ······
* ······
تفرك أنفها العريض·· لكني أشم رائحة يوسف، وأسمع أحياناً صوته·· ترفع طرف شيلتها وتمسح دمعات قبل أن تضع رأس فضة على ذراعها وتنام·
···وفي هذا الصيف، صيف (99) لم تكن الأمطار هي الأمطار، ولم تعد للجد العظيم تلك الهيبة ، ولم يعد يفزعنا النوم في بطنه، أو حتى إقامة بيت من الكرتون في عمقه المحشو بأشجار العشر والرمث والرين الباهت·
··· في أول الصيف كنا نلاحق خطوات السبتي الضعيفة، وهو يتجول معتزاً تسنده قدم ثالثة·· عصاه ذات الرأس الفضي، وزوجة صغيرة تحوم حوله كلما تخاذلت قدماه··
* زينة··
* عونك
* اسنديني···
يجلجل صوته الحي··
* ما يدوم عظيم··
وكأنما قد برّد غله الدفين على الجد العنيد الذي بخل على أمه بأن يكون لها قبر معلوم·
تظهر أسنانه في ضحكة غامضة··
* لقد ألجمه هذاالسد العظيم وكسر كبرياءه·· قبل موته بأيام·· افترشنا معه الأرض الجافة، وحفرنا بأيدينا في الرمل الناعم·· وهبت هبوب شمالية ملأت أنوفنا وأعيننا بذرات من رمل وقش تراكم على جنبات أشجار العرعر والعرين·
* نتابع نظرته التي تمسح كل الاتجاهات·· أشار بيده هناك على الضفة الأخرى للوادي كان مسجد العيد بسوره الأصفر، وبواباته الخضراء، ولأن الجد العظيم غضب يوماً وأنهكه السير من أقصى اليمن حتى هنا فقد وجه غضبته إليه فاصبح مسجدنا أثراً··
··الجالسون حوله لا يعلمون لم يعشق التجول في الوادي الخفيض رغم مرضه البائن والذي ينكره بصلافة، ويصرّ على اختراق الدغل الموحل أحياناً ببقايا مياه الري·· والجاف في معظم أيام السنة إلى درجة يصعب معه وضع القدم لكثرة حفر الثعابين والزواحف السامة·· يميل برأسه الكبير·· يتابع مدى لا يحده بصره الضعيف·· مدى شاسعاً من النخيل والأعناب وعشش الرعاة وبرك المياه المبنية من الطوب والمسقوفة والتي توزع المياه من الأعلى للأسفل في سرعات متفاوتة··
·· لم تكن تلك المساحات الزراعية من إرث سيف بن ذي يزن، ولم تكن حضارة أرقى لغابات الأسود في موقع الجد العظيم·· كذلك لم تكن نبضاً لحياة صاخبة أنبتها انهيار سد مأرب·· فخرج القوم متبعين خطا الجد خطاً تتلوى عبر القفار تهبط من علو، وتنزل إلى القاع السحيق، والقوم في أثناء مسيرتهم يموتون فرادى وجماعات··