يرى الباحث د.
You are here
قراءة كتاب البنية الدرامية في شعر محمود درويش
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 1
المقدمة
عنيت الدراسات النقدية الحديثة عناية واضحة بالفن الدرامي، ووسَّعت من مفهوم الدراما، لتصبح الأجناس الأدبية حقلا لتجاربها، وتضعف الحدود الفاصلة بين جنس أدبي وآخر.
وقد لجأ الشعراء المحدثون إلى رسم أنموذج جديد للقصيدة الحديثة، موظفين البنية الدرامية في بنائها، مستفيدين - في ذلك - من الواقع اليومي. والحياة التقنية الحديثة، وما رافقها من ميلاد عصر الفضائيات، والسينما، والشبكة الدولية، ناهيك عما وصل إليه الفن الروائي من تطور فيما عرف بعصر ما بعد الحداثة، ومن هنا، فإن تناول القصيدة الحديثة، يقود إلى تناول تلك المدخلات مجتمعة أو متفرقة، بعد أن ضعفت الحدود الفاصلة بين لون أدبي وآخر، ودخلت الأنواع الأدبية كلها ضمن مفهوم النص أو الخطاب.
ولعل وقفة متأنية على أهم تلك التحولات التي مست جوهر القصيدة العربية من نحو، وإشكالية المصطلح النقدي (الدراما) و(الدرامية الشعرية) أو(البنية الدرامية) الخ، وتطوره من نحو آخر، سيؤسس لقراءة منهجية واعية.تعتمد على مفهوم البنية في تناول هيكلية النص، وتبحث عن أفق التحول في تجربة شاعر من شعراء العربية الذين تركوا بصمات واضحة على هذا اللون الشعري، ومضوا بعيدا في التجريب الإبداعي، حتى عد من أشهر شعراء العربية المحدثين.
وقد جاءت هذه الدراسة لتعيد قراءة النص الدرويشي وفق هذه التحولات الفنية، التي نقلت جوهر التجربة من واقعها الغنائي إلى واقع أكثر ديمقراطية، وأعمق رؤية.فدرويش الذي بدأ حياته غنائيا في"عصافير با اجنحة "أو "أوراق الزيتون"، لم يعد كذلك في "أحد عشر كوكباً" و"ورد اقل"، و"حصار لمدائح البحر"، و"حالة حصار"، و"سرير الغريبة"، و"الجدارية"، و"لا تعتذر عما فعلت"، و"كزهر اللوز أو أبعد"، و"ذاكرة النسيان "، ... الخ.
ولا بد لكل دراسة جادة من أساس قوي تعتمد عليه، ومنهج سوي واضح تنطلق منه، ولا يتأتى ذلك إلا بوضوح المصطلح، وسلامة المنهج، ومن هنا، فقد افرد الباحث الفصل الأول من هذه الدراسة ليتناول فيه مفهوم الدراما والدرامية، وعلاقتها بالقصيدة الحديثة.
أما في الفصول الأربعة الأخرى فقد تناول عناصر البناء الدرامي واحدا تلو الآخر وطبقها على القصيدة الدرويشية، فبدأ بالصراع، باعتباره أهم مشكل للدراما، ثم جاء دور الحدث في الفصل الثاني، والحدث هو الذي يفرق بين قصيدة درامية وأخرى غير درامية، ثم تناول في الفصل الثالث الشخصية، وما حوته القصيدة الحديثة من بنية سردية شكلت الشخصية جزءا مهما منها، وانتهى البحث في فصله الأخير بالحوارية على اعتبار أن الحوار هو الذي يفرق بين المسرح وباقي الفنون؛ فهو أساس فيه وفرع فيها.
ولا شك أن درويش درس غير مرة، وفي غير زاوية، بيد أن تناول التجربة الدرويشية من خلال تقنية فنية حداثية "البنية الدرامية " يشكل إضافة جديدة، لم يقم بها باحث من قبل.
ومن هنا، فإن الباحث يرى أن إعادة تناول التجربة الشعرية الدرويشية من خلال البنية الدرامية سيضيف جديدا إلى الدراسات النقدية الحديثة، ذلك أن طبيعة النص الدرويشي تراوح بين السردية والإيقاعية، ولعل القارئ لشعر درويش يلمح بوضوح تلك النزعة الدرامية القائمة على بنية الفعل والحدث والحكاية وتصوير الصراع، وبروز عدد من الظواهر الفنية ذات العلاقة بالبنية الدرامية: كالحوارية وتعدد الأصوات.
لذا، فإن واحدة من الأهداف الأساسية لهذه الدراسة تكمن في البحث عن البنى الجمالية التي قدمتها هذه التقنيات الفنية، ومدى علاقة هذه التقنية بطبيعة الشعر، وهل اصطدمت هذه التقنية مع الذائقة العربية أو مع الشكل الفني للقصيدة العربية القديمة؟ أم تلاحمت معها، وشكلت امتداداً طبيعياً لحركتها الشعرية؟