كتاب "التكثيف البلاغي" في القرآن الكريم للكاتب أحمد محمد دعسان، يُعد هذا الكتاب دراسة لغوية لأسلوب القرآن الكريم في جزء عمّ، حيث وقف فيه الباحث على الثروة اللفظية في جزء عمّ.
You are here
قراءة كتاب التكثيف البلاغي
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 5
ومن التكثيف ما يقع تحت مُسمَّى (الاتِّساع) يقول ابن رشيق (ت 456 هـ): " وذلك أنْ يقول الشاعر بيتاً يتسع من التأويل، فيأتي كلُ واحد بمعنى، وإنَّما يتَّسع لاحتمال اللفظ وقوته واتِّساع المعنى" (7)، ومن التكثيف - أيضاً - ما يقع تحت مسمَّى (الإشارة) وهي " أنْ يكون اللفـظ القليـل دالاً على معاني كثيرة " (8)، أو ما سمَّاه بعضُهم ( الإيماء) وهو " الاختصار المُفهم، والإطناب المفخم، وقد يقع الإيماء إلى الشيء فيغني عند ذوي الألباب عن كشفه كما قيل لمحة دالَّة " (9)، ومنهم من أطلق عليه (التعريض)، يقول الجرجاني: " إثباتك الصفة للشيء تثبتها له، إذا لم تلقه إلى السامع صريحاً، وجئت إليه من جانب التعريض والكناية والرمز والإشارة " (10) .
وقد يتَّصل مفهوم التكثيف بـ (الاقتدار) وهو: " أن يُبـرز المتكلم المعنى الواحد في عدة صور اقتداراً منه على نظم الكلام وترتيبه، وعلى صياغة قوالب المعاني والأغراض"(11)، ويُلاحظ هذا الجانب في القصص القرآني، فالمُسمَّيات – المذكورة سابقاً- وغيرها تدخـل في مفهوم التكثيف بوصفها طرقاً او أشكالاً له مع ملاحظة تقاطعها – أحياناً- مع بعضها بعضاً، ولعل من غايات التكثيف – في جزء عمَّ – ما يلي :
1- غاية إعجازية: تتمثل هذه الغاية في إظهار سمات القرآن الكريم البيانية، من خلال قلة الألفاظ وكثرة المعاني، وقد تنبه لذلك "محمد دراز" حين وضع خطوطاً عريضة لأوجه الإعجاز في القرآن، منها: " القصد في اللفظ والوفاء بحق المعنى" و "البيان والإجمال" و "الإيجاز بالحذف مع الوضوح والطلاوة"(12).
2-غاية دعوية: إذْ إنَّ طريقة عرض قضايا جزء عمّ - المتعلقة بـ ( التوحيد والعقيدة، والبعث والحساب، والجنة والنار )- على هذا النحو من التكثيف البلاغي، أسهم إلى حد كبير في نقل المعنى المنشود بجميع تفصيلاته وظروفه النفسية، وهنالك العديد ممن لاحظ وجود سمة خاصة للتعبير المكي، من ذلك:
- قول (سيد قطب) في مفتتح حديثه عن جزء عمّ: " هذا الجزء ذو طابع غالب، سوره مكية عدا (البينة) و(النصر) وكلها من قصار السور على تفاوت في القصر، والأهم من هذا هو طابعها الخاص الذي يجعلها وحدة – على وجه التقريب- في موضوعها واتجاهاتها، وإيقاعها، واتجاهاتها، وإيقاعها، وصورها، وظلالها، وأسلوبها العام " (13) .