You are here

قراءة كتاب تأملات بقدرة خلق الله في مخلوقاته

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
تأملات بقدرة خلق الله في مخلوقاته

تأملات بقدرة خلق الله في مخلوقاته

تقييمك:
5
Average: 5 (3 votes)
المؤلف:
الصفحة رقم: 7
قال تعالى: (يَعِبَادِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلاَ أَنتُمْ تَحْزَنُونَ *الّذِينَ آمَنُواْ بِآيَاتِنَا وَكَانُواْ مُسْلِمِينَ * ادْخُلُواْ الْجَنّةَ أَنتُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ تُحْبَرُونَ * يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِصِحَافٍ مّن ذَهَبٍ وَأَكْوَابٍ وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الأنْفُسُ وَتَلَذّ الأعْيُنُ وَأَنتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ * وَتِلْكَ الْجَنّةُ الّتِيَ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ * لَكُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ كَثِيرَةٌ مّنْهَا تَأْكُلُونَ ) [سورة: الزخرف - الأية: 68 - 75].
 
لقد فارق الحياة بعد أن سجل التاريخ بماء من ذهب خليفة للمسلمين فريد من نوعه وكان في زهرة شبابه بعمر أربعين عام ، وكانت مدة خلافته ثلاثين شهرا فقط ووصلت خيول المجهدين في عهده إلى أبواب باريس غربا والى الصين شرقا لنشر دين الله في الأرض ، وكان يحكم اسبانيا والبرتغال .
 
أما أمواله التي كانت عنده عند وفاته ثمانية عشر دينار، كفن منها بأربعة ، ووزع الباقي على أولاده ، وكان عنده احد عشر ولد ، وعندما سئل في احد الأيام عن أولاده ، قال أولادي اثنين ، إما متق يتقي الله فيجعل له من أمره مخرجا ، وأما عاص فانا لا اترك في يده شيئا يستعين به على معصية الله .
 
وفي يوم من أيام العيد جاءته بناته وقلن يا أمير المؤمنين العيد غدا وليس عندنا ثياب جديدة نلبسها ، فنظرا أليهن وقال: يا بناتي ليس العيد لمن لبس الجديد ، وإنما العيد لمن خاف يوم الوعيد.
 
في مثل هذه الروح المشحون بتقوى الله ، حكم مشارق الأرض ومغاربها ونشر العدل في ارض الله حتى كانوا خلال خلافته يبحثون عن من يأخذ صدقة الأموال ولم يجدوا.
 
* من جعل جيش المسلمين ينتصر في معركة القادسية عام (14) هجري بقيادة سعد بن أبي وقاص ومعه (30) ألف موحد لله الواحد القهار ، في مواجهة جيش الفرس البالغ (250) ألف مقاتل مدعمين بأفضل أنواع سلاح عصرهم من الأدوات الحربية بالإضافة إلى استخدام الفيلة في القتال خلال خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، وعندما دخل سعد بن أبي وقاص رضي الله قصر ملك الفرس وشاهد ما فيه من عجائب مبهرة من ذهب وفضة وسجادا فاخر ... لم تأتي الدنيا الزائلة بقلبه رضي الله عنه ولكنه تذكر أن كل ما هو فوق التراب تراب وما عند الله خيرا وأبقى فرتل قوله تعالى (كَمْ تَرَكُوا مِن جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ ، وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ* كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْما آخَرِينَ ) [ سورة الدخان 25 - 28] .
 
* من جعل جيش المسلمين في معركة اليرموك وهم لا يتجاوزون (30) ألف مقاتل ينتصرون على (240) ألف مقاتل من جيش الروم أكبر دولة في زمانهم، بقيادة سيف الله المسلول ( خالد بن الوليد رضي الله عنه ) ، وعندما نظر خالد بن الوليد إلى جيش الروم وقارن عددهم بعدد جيش المسلمين لم يفكر بما يفكر به الجبناء ؛ لأن قلبه كان متصلا بأعظم من في الوجود ، وعندما سمع أحد جنوده يقول: ما أكثر جيش الروم ! غضب خالد رضي الله عنه وقال: وإني لأتمنى أن الأشقر كان صحيحا ، وأن الروم ضعفي عددهم ، وكان يقصد بالأشقر حصانه الذي كان يجاهد عليه ، وقد مرض من كثرة الكرّ والفرّ في سبيل الله ، ولم يستطع مواصلة الجهاد عليه، فاستبدله بحصان آخر ، وكان يقصد بأن جيش الروم على كثرته أمامه ؛ يستطيع حصانه الأشقر مواجهته والانتصار عليه ، وهذا لزيادة الروح المعنوية لجيشه الذين تشربت قلوبهم حلاوة الإيمان ، وأصبحوا يعشقون الموت في سبيل الله كما يعشق أعداؤهم الحياة.
 
أما عندما جاءت الساعة التي لا بد عنها ، كان خالد على فراش الموت سنة 21) ) هجري، تألم خالد رضي الله عنه لأنه لم يموت في ساحة القتال فقال : لقد دخلت (99) معركة في الجاهلية والإسلام ، وما في جسدي موضع إلا وفيه ضربة سيف أو طعنة رمح أو نبل وها أنا أموت على فراشي كما يموت البعير فلا نامت أعين الجبناء .( وكان يقصد خالد رضي الله عنه بقوله فلا نامت أعين الجبناء أن الموت مقدر من الله فلا يمنعه عن الجبناء تخاذلهم عن ساحة القتال ) في مثل هذه الروح حملوا هؤلاء النجوم من أمتنا ، راية الإسلام حتى شقت طريقها في مشارق الأرض ومغاربها حتى انتشر عدل الله في الارض بعز عزيز أو بذل ذليل .
 
قال تعالى :وَلِيُمَحّصَ اللّهُ الّذِينَ آمَنُواْ وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ * أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنّةَ وَلَمّا يَعْلَمِ اللّهُ الّذِينَ جَاهَدُواْ مِنكُمْ وَيَعْلَمَ الصّابِرِينَ * وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنّوْنَ الْمَوْتَ مِن قَبْلِ أَن تَلْقَوْهُ فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنْتُمْ تَنظُرُونَ ) ( سورة آل عمران 143 -141)
 
* من جعل جعفر بن أبي طالب بن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما تناول الراية من زيد بن حارثة رضي الله عنه بعد أن استشهد في معركة مؤتة ، وعندما اشتدت المعركة ، وثب عن فرسه وعقر قوامها بسيفه وأوغل في صفوف الروم ، وهو ينشد قائلا :
 
يا حبذا الجنة واقترابها طيبة وباردا شرابها
 
وظل يجول بسيفه يمنة ويسرى ، حتى قطعت يمينه ، فتناول الراية بشماله ، ثم مازال يقاتل حتى قطعت شماله ، واخذ الراية بصدره وعضديه ، ثم ما زال ثابت في ساحة القتال حتى نال أعظم جائزة الشهادة في سبيل الله ، على مسافة تزيد عن ألف كيلومتر عن مسقط رأسه مكة شرفها الله ، ليقابل خالقه يوم التناد وقبره في مدينة مؤتة جنوب الأردن شاهد عليه ليكون إنشاء الله من الفائزين .

Pages