كتاب "علم النفس والمخابرات"؛ تهدف المحاولة البحثية بصورة محددة دراسة العالم السري لتطبيقات علم النفس الكبرى في مجال المخابرات· وأنه لأمر مشروع بالإدلاء بشهادة عن حسن أو سوء توظيف علم النفس· إن البحث في هذا المجال الغامض أو السري قد يثير تساؤل البعض: ما هي ع
قراءة كتاب علم النفس والمخابرات
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
علم النفس والاستعمار في بريطانيا
وربما كان من الأنسب القول بأن ألمانيا كمؤسس لعلم النفس البحت أو التجريبي لعبت دورها الريادي في سياسة ارتباط علم النفس بالاستعمار ، لأن علم النفس تم اعتباره أداة صالحة للتحكم حسب تعبير ديرنبيرج ، وأن بريطانيا كمؤسس لعلم النفس الفارق أو التطبيقي لعبت دورها الريادي كقوة عظمى في سياسة توظيف علم النفس في المستعمرات التي لا تغيب عنها الشمس · ويتجلى هذا الدور من خلال إسهامات معمل جامعة كيمبردج الذي قام علماء النفس فيه بإجراء القياسات وتسجيل الملاحظات السيكولوجية عن الشعوب البدائية ، وكذلك من خلال المعهد الأفريقي العالمي والذي كان يقدم النصح بالنسبة للإداريين البريطانيين في المستعمرات · كما يمكن التعبير بصورة اتهامية أن بعض علماء النفس هم باحثون واستعماريون ، أو علماء وامبرياليون وقد يصعب في هذه الحالة الفصل بين الوظيفتين · وتبعا لبورنج (7 5 9 1) قام هادون عالم الإنسان بجامعة كيمبردج بوضع خطة لحملة انثروبولوجية واشترك معه فيها عالما النفس ميرز وماكدوجال لعمل بعض القياسات الانثروبولوجية والسيكولوجية والملاحظات عن الشعوب البدائية وبالفعل قاما بقياس الحواس والإدراك ، وكانا على وعي بأنهما يؤديان عملا أكثر كمالا مما قام به جالتون· وشارك علماء النفس في بريطانيا بفعالية كعلماء نفس في الحرب العالمية وكان معمل علم النفس في جامعة كيمبردج رائدا في ذلك ولا سيما من خلال التقارير التي لا تحصى والتي تم إصدارها ونشرها ·
إن الحملة الاستكشافية التي قامت بها جامعة كيمبردج إلى منطقة توريس استريتز (ريفرز ، 1 0 9 1) تعتبر من ناحية تاريخية واحدة من المحاولات عبر الثقافية الباكرة · وكان هدفها جمع معلومات منظمة عن ثقافة غير غربية ، ومقارنة هذه المعلومات بالمعلومات الموجودة لعدة موضوعات ولم يسبق لها أن تم تماثلها من وجهة نظر علم النفس عبر الثقافي · ولقد تضمنت هذه الحملة بعض الأسماء والتي أصبحت فيما بعد مثارا للنقاش السيكولوجي مثل ريفرز ، وسليقمان ، وميرز ، وماكدوجال · ولقد درس كل من ريفرز وسليقمان الخداع البصري عن طريق تطبيق الخداع الأفقي-الرأسي ، وخداع مللر لاير · ولم يكن لدى الباحثين أي فكرة عما إذا كانت الخداعات البصرية التي توجد عند السكان في الغرب لها وجود عند السكان المحليين في الأماكن النائية من العالم ومدى قوتها في حالة وجودها؟ ولقد اقترح ريفرز بخصوص نتائج الخداع البصري ، أن استجابة الأفراد في الغرب للأشكال نظرة كلية بينما يركز الأفراد في الأماكن النائية على الانتباه كعامل مهم · ولقد مدد ريفرز (5 0 9 1) أبحاثه عن الخداع للسكان التداس الذين يسكنون في جنوب الهند ، وأظهرت نتائج دراسته أن التداس كانوا أكثر عرضة للخداع من الرجال الإنجليز ، والنساء ، والأطفال ، وأن الأحوال الفسيولوجية ، وآثار الخبرات في الحياة المتحضرة أظهرت أن الخبرات المستمدة من دراسة الأشكال الهندسية والرسومات تؤثر على تقليل وإضعاف الخداع (ديريقووسكي ، 0 8 9 1)·
ويمكن القول بأن هذه الحملات التي انطلقت من جامعة كيمبردج كانت تخدم بعض الأهداف الاستعمارية· ويمكن أن نتلمس المركزية العرقية البريطانية من خلال تعبير مثل الأماكن النائية ، أي نائية من المركز البريطاني ، وأن نتلمس النظرة الاستعلائية في عملية تماثل المعلومات في الغرب وفي غير الغرب · وكان من بين أهداف الدراسة معرفة قوة الخداعات في هذه المجتمعات· وربما كانت هناك أهداف خفية غير الأهداف العلمية في معرفة نقاط الضعف في هذه المجتمعات لأنها مجتمعات تنظر بصورة تجزيئية للموضوعات بينما ينظر الأفراد في بريطانيا بصورة كلية · إن النتائج التي تم التوصل إليها هي أن الأفراد في الأماكن النائية أكثر عرضة للخداعات ، وبالرغم من أن تعبير خداع يقصد به من ناحية سيكولوجية بحتة الخداع البصري في رؤية الأشياء لكن ربما يمكن تأويل هذا التعبير بصورة أخرى · أي إحكام عملية السيطرة على المجتمعات عن طريق خداعها ·
لقد تأسس علم النفس في بريطانيا بصورة تطبيقية من خلال إسهام فرنسيس جالتون خلافا لتأسيسه في ألمانيا بصورة بحتة من خلال إسهام فونت · وكان علم النفس التطبيقي على علاقة وثيقة بالانثروبولوجيا والمشاريع البريطانية الاستعمارية · ويعتبر المعهد الأفريقي العالمي الذي أسس عام 6 2 9 1 من أنشط الأجهزة وأكثرها أهمية من بين الأجهزة العالمية - الادارية التي تأسست أثناء قيام الانتروبولوجيا التطبيقية · ولقد جاء في بيان المعهد التأسيسي أن أهم أهدافه القيام بتقريب كامل بين المعرفة والبحث العلمي من جهة ، وبين الأمور التطبيقية من جهة ثانية · ثم بدأت قطاعات استعمارية جديدة بدورها الاهتمام بالانتروبولوجيا ، ففي عام 4 4 9 1 أنشئ المجلس البريطاني للبحث الاجتماعي في شؤون المستعمرات · وعهد إليه اسداء النصح إلى سكرتارية الدولة في المستعمرات بخصوص المسائل التي تتعلق بالعلوم الانسانية ، وتكون في خدمة الامبراطورة الاستعمارية (لكلرك، 0 9 9 1) ·