كتاب "بعد خراب الحافلة"، بين دفتَيْ هذا الكتاب حكاياتٌ غريبةٌ لرجلٍ غريبٍ صار تمثالاً بعدما انقطعتْ به السُّبل طويلاً في محطَّةٍ لم تعدْ تأتي إليها الحافلات· وكان في أثناء انتظاره الطويل الطويل يتسلَّى بسرد حكاياته تلك على مسامع العابرين، أو بنقشها على قاعد
You are here
Books by Subject
Best Views
Newest
قراءة كتاب بعد خراب الحافلة
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 2
محطَّة
تعطَّلتْ حافلتنا في محطَّةٍ على الطريق؛ وبعد يأسٍ مِنْ إمكانيَّة إصلاحها، تفرَّق الركّاب كلٌّ في اتِّجاه، بينما جلستُ أنا على رصيف المحطَّة أنتظرُ·
مرَّ يومٌ، ثمَّ ثانٍ، ثمَّ ثالث·· شـهرُ، ثمَّ ثانٍ، ثمَّ ثالث·· وسـنةٌ، ثمَّ ثانـيةٌ، ثمَّ ثالثة·· تصلَّبـتْ أطرافي، ثمَّ تلتها بقيَّة جسمي، وشيئاً فشيئاً تحجَّرتُ وتحوَّلتُ إلى تمثالٍ حزينٍ صار مع الزمن جزءاً أصيلاً وحميماً من المحطَّة، إلى درجة أنَّ بعض الناس ـ ممَّن يمرُّون مِنْ هنا ـ أصبح يفيء إلى ظلِّي، وبعضهم الآخر يتَّكئُ على جسدي، وسواهم يتخلَّصُ مِنْ فضلاته في فنائي· ومع توالي السنين، أصاب الصدأُ الحافلةَ ونخرها مثل سوسٍ شره حتَّى تلاشت· كما تغيَّرتْ معالم المكان وذهـب ناسٌ وجاء سـواهم· أمّا أنا فلا أزال في مكاني على رصيف المحطَّة !