You are here

قراءة كتاب الحرب العالمية الأولى

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
الحرب العالمية الأولى

الحرب العالمية الأولى

كتاب "الحرب العالمية الأولى"، في العقد الثاني من القرن العشرين اندلعت حرب لم يشهد تاريخ البشرية لها مثيلا من قبل، لا من حيث مساحة رقعة عملياتها، ولا من حيث نوع الأسلحة المستخدمة فيها، ولا من حيث عدد القتلى والجرحى الذين سقطوا فيها.

تقييمك:
2
Average: 2 (1 vote)
المؤلف:
الصفحة رقم: 4
وسعى القادة الإنكليز والنمساويون، تؤازرهم سراً فرنسا وألمانيا، لإجبار روسيا على التخلي عن مشاريعها لإقامة دولة سلافية قوية وكبيرة - بلغاريا - لأن الغرب ينظر إليها كموقع روسي متقدم في منطقة البلقان. وفي مقابل هذه المساندة التي حصلت عليها تركيا، حصلت إنكلترا على جزيرة قبرص والنمسا على البوسنة والهرسك وفرنسا على تونس. وخلال عام 1882، تشكل الاتحاد الثلاثي من ألمانيا، النمسا - المجر وإيطاليا، فتمكن لدرجة كبيرة من الحلول مكان روسيا في البلقان. ولما كانت روسيا آنذاك في وضع لا يسمح لها بفرض نفوذها، اتسمت سياستها بالفشل مما دفع الأوساط المثقفة من الرأي العام في الدول البلقانية، بالرغم من قوة الاتجاه المؤيد للروس لدى العامة، إلى التطلع إلى الغرب. فقوي النفوذ النمساوي في أوساط الرعايا من التشيك: من مثقفيها ورجال الأعمال، الذين سرعان ما وجدوا طريقا سالكا لدى الشعوب السلافية الأخرى التي استفادت من التطور الاقتصادي والثقافي. وقامت ألمانيا، التي كانت تعمل في هذا الوقت للسيطرة على المجال البلقاني المؤدي إلى الشرق الأوسط، خاصة خط حديد بغداد، بتقديم عروض مشجعة أكثر من النمسا. ومع اعتزال بسمارك الذي حظي باحترام روسيا لأنه كان يتفادى أي خلاف مكشوف في النزاعات البلقانية، راحت السياسة الألمانية تتوجه مباشرة إلى تركيا، فأصبح الجيش التركي يعتمد على السلاح الألماني في عتاده وتجهيزه، وبدأ الخبراء العسكريون الألمان يساهمون في إعداد الجيش التركي وتدريبه. وتشكلت عقدة جديدة من التناقضات بين ألمانيا وإنكلترا على الساحتين البلقانية والشرق أوسطية.
 
وعلى ضوء العلاقات الجديدة بين القوى في منطقة البلقان، حصلت تأثيرات قوية وتغييرات مهمة على المسرح الأوروبي تمثلت بقيام معسكرين قويين عكسا الخلافات الجغرا سياسية بين القوى البحرية الاستعمارية: إنكلترا وفرنسا، والنواة الأوروبية الوسطى: ألمانيا والنمسا - المجر التي كانت تهدف إلى السيطرة على ما وراء البحار والمنافذ إليها. وخفت المنافسة التقليدية الإنكليزية الروسية نتيجة التخوف المشترك من ألمانيا التي كانت هي الأخرى تفتش عن مكان لها تحت الشمس. لهذا السبب، فإن إنكلترا بدأت بمراجعة سياستها الودية من تركيا في بداية القرن العشرين، وانتقلت إلى الدفاع عن مصالح الشعوب البلقانية الخاضعة لها (البلغار في مقدونيا). وعلى ضوء هذا، أصبحت منطقة البلقان حقل رماية في معركة التفوق العسكرية عشية الحرب العالمية الأولى. فقد هدفت كل من ألمانيا والنمسا - المجر للسيطرة على الأراضي والأسواق والمواصلات الإستراتيجية في منطقتي البلقان وشرقي أوروبا، فيما أعادت فرنسا وإنكلترا وروسيا النظر في المنطقة من وجهة عالمية شاملة. وبينما كانت ألمانيا تشارك بنشاط في اقتسام الأراضي في أوكرانيا، شمالي دوبرودجا ومقدونيا، كانت دول الاتفاق الودي تناضل من أجل التواجد الإستراتيجي في الشرق الأوسط وشرق أوروبا ومنطقة البلقان، وذلك عن طريق حزام من الدول الصديقة الحليفة.
 
في السادس من تشرين الأول/أكتوبر عام 1908 ضمت النمسا إقليم البوسنة والهرسك، فأثارت أشد الاستياء في دولة الصرب، التي كانت تطمع هي نفسها في ضم البوسنة بحجة أن الإقليم يضم بين سكانه مجموعة من الصرب، ثم كشفت النمسا عن أطماعها في البلقان وأعلنت عن طموحها في ضم دولة الصرب ذاتها، فوصل الموقف في البلقان إلى درجة الغليان.
 
وكان من نتيجة ذلك أن دخلت كافة القوى الأوروبية العظمى والدول المحيطة كأطراف في مشاكل البلقان. فروسيا وفرنسا وبريطانيا كانت تؤيد الصرب في سعيهم لإنشاء دولة الصرب الكبرى التي تضم جميع الأقليات الصربية في البلقان، بينما سعت النمسا للهيمنة على البلقان بعد انحسار وتراجع السيادة العثمانية عن دوله وأقاليمه، أما ألمانيا فكانت تؤيد النمسا وتحرضها وذلك بهدف تشكيل كتلة برية قوية في وسط أوروبا متصلة بأراضي الدولة العثمانية. وبهذه الصورة أصبحت دول الاتفاق الثلاثي (فرنسا وروسيا وبريطانيا) في مواجهة صريحة ضد دول الحلف الثلاثي (ألمانيا والنمسا وإيطاليا). وكل ما بقي لتفجر الموقف كان رصاصات سراييفو، التي على أثرها انهار السلام الأوروبي الهش، فأعلنت النمسا الحرب على الصرب يوم 28 تموز/يوليو، وشهد شهر آب/أغسطس تبادلاً لإعلان الحرب شمل كل القوى الأوروبية، وحتى اليابان دخلت طرفاً في هذا الصراع الذي شمل قائمة طويلة من 28 دولة منها 24 دولة في جانب الحلفاء و4 دول في جانب الحلف المركزي.
 
وهكذا بدأت الحرب العالمية الأولى. فهل كان سببها هو حادث الاغتيال الشهير؟ أم أن هذا الحادث كان مجرد الشرارة التي أشعلت موقفاً كان في الحقيقة مهيئاً للانفجار؟

Pages