في رواية "الأمهات"، "هل الرواية التاريخية مجرد قصة خيالية؟". بهذا السؤال على لسان ألكسندر سولجنتسين يقدم الكاتب السلوفاكي بافول رانكوف لروايته"الأمهات"الصادرة في ترجمة غياث الموصللي عن دار الحوار للنشر والتوزيع.
You are here
قراءة كتاب الأمهات
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية

الأمهات
الصفحة رقم: 8
احتلت قيادة الكوميساريا الوطنية للشؤون الداخلية البناء المطل مباشرة على الساحة المستطيلة الواسعة وعلى دير المينوريتيين. وقفت "سوزانا" بجانب النافذة في الطابق الثاني وراحت تراقب الحركة النشطة في الساحة، حيث كان الجنود الروس يتحركون فيها بانتظام وسرعة، بينما كانت حركة السكان المحليين أبطأ وأكثر حذراً. بقي المعبر الموجود خلف ظهرها هادئاً وفارغاً، باستثناء البعض من كانوا ينتقلون من باب إلى آخر. انتظرت هنا نصف ساعة تقريباً دون أن ينتبه إليها أحد. ربما نسوا أنهم أرسلوا في طلبها، وربما اضطر الضابط الذي أراد التحدث إليها للخروج من أجل عمل أكثر أهمية، لذا عليها الانتظار ربما حتى المساء، وستعود بعد ذلك سيراً على قدميها في عتمة الليل وحيدة إلى "زالسنا بروبا".
أخيراً فُتح الباب في نهاية المعبر، وأطلت منه امرأة في لباس مدني، ونادتها بصرامة:
ـ سوزانا لايوكوفا، تعالي إلى هنا! بسرعة!
ـ اسمي لاوكوفا، سوزانا لاوكوفا: صححتْ للمرأة، حين دخلت الغرفة وكانت لا تزال واقفة بقربها.
وجدت "سوزانا" نفسها في غرفة واسعة، امتلأ القسم الأكبر منها بأثاث جُلب من مكان آخر، وتم ترتيبه بطريقة عشوائية تفتقد إلى الذوق، بينما استُخدم القسم القريب من الباب بوصفه مكتباً مؤقتاً، حيث وضعت فيه طاولة تتوسطها آلة كاتبة، تناثرت من حولها الأوراق، وَوُضِع في مقابلها كرسيان وفي طرفها مصباح، كما ثبتت بين الباب والطاولة مدفأة معدنية صغيرة، سُطر الخشب بقربها.
الغرفة مُدفأة بإفراط.
جلست الموظفة السوفيتية في أحد طرفي الطاولة، وأمرت "سوزانا" بالجلوس أمامها. نزعت "سوزانا" معطفها، ووضعته مع الشال الصوفي على ركبتيها.
سألت الموظفة "سوزانا" عما إذا كانت تعرف النصير السوفيتي "ألكسي ألكسيفيتش أورلوف".
انفرجت أسارير "سوزانا" لحظة:
ـ بالطبع، إنه... ـ ضغطت بحركة لا إرادية على أسفل بطنها ـ كان يتردد علينا كثيراً.
ـ كثيراً؟ رفعت الموظفة حاجبيها بفضول.