You are here

قراءة كتاب قصر الأحلام والكلام

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
قصر الأحلام والكلام

قصر الأحلام والكلام

رواية "قصر الأحلام والكلام"، للكاتب الكاميروني باتريس نغانانغ، التي ترجمها إلى اللغة العربية الكاتب عدنان محمد، نقرأ من أجوائها:

تقييمك:
0
No votes yet
المؤلف:
الصفحة رقم: 2
ـ 1 ـ
محادثات في إحدى ظهيرات شهر آب
 
كانت سارة صبياً عندما دخلَتْ إلى مون بليزان، مقر إقامة السلطان في منفاه. هذه هي الحقيقة بكل بساطة. لم يكن عمرها آنذاك إلا تسع سنوات، ومع ذلك فقد أُهديت إلى السلطان نْجُويا لدى وصوله إلى ياووندي، عربونَ صداقة، "صداقة وأخوّة". الرئيس الأعلى للإيووندو شارل أتانغانا هو من أقنع الحاكمَ المطلق بمغادرة بلده باموم لكي يقيم في عاصمة المحمية. وأقلّ ما يفعله هو أن يجعل إقامة ضيفه مريحة، فالتقليد يفرض عليه ذلك ـ آه، ويا له من تقليد!
أصاب الجفافُ الموسمَ في تلك السنة، سنة 1931. الأشجار تتحدّث عن شهر آب، والنهارُ متّشحٌ بألوان الرفض: رفْض سارة ـ هكذا صاروا ينادونها منذ أن أخطأ كاهنٌ كاثوليكي في كتابة اسمها الحقيقي: سالاـ لأنها لا تريد أن تترك أمها. ورفْض السلطان الذي لا يفهم لماذا قد يقلّل وجودُه في كَنَف وصاية الفرنسيين من الريبة التي يكنّها له هؤلاء منذ أن نشَب خلافُه مع ممثّليهم المحلّيين في فومبان، قبل عشر سنوات.
ذات يوم، سأل نْجُويا صديقَه الذي يضغط عليه:
ـ أليس هذا سحق ذيل الأفعى؟
أجابه شارل أتانغانا وهو يداعب قبّعته المصنوعة من اللبّاد القاسي:
ـ ماذا أقول؟ ما هذا إلا تغيير للمشهد.
هو ونْجُويا يعلمان، أن الفرنسيين، إذا كانوا يكرهونهما، فليس ذلك بسبب كلماتهما ولا بسبب سلطتهما، بل لتحالفهما السابق مع المستعمرين الألمان.
وأضاف الرئيس:
ـ هل تجهل أن فرنسا امرأة غيورة جداً؟ مع نسائكَ كلّهنّ....
قاطعه السلطان قائلاً بابتسامة ماكرة:
ـ وأنتَ إذاً! ليس لديك سوى زوجة واحدة، ومع ذلك...
ماذا بوسع شارل أتانغانا أن يقول؟ فهو ونْجُويا ما يزالان معروفين بقصص ما قبل الحرب التي لا يمكنهما التخلّص منها. كَتَبَ نْجُويا في كتاب مذكّراته ساآنغام: "أنا مثل امرأة، والبيض مثل الرجال. فماذا بوسعي أن أفعل سوى الطاعة؟" إنه يلمّح إلى الإنكليز لأن الفرنسيين تركوه بلا صوت، وهم الذين قرّروا نَفْيَه، نعم بلا صوت. وهكذا فإن سارة تشعر هي الأخرى أنها بلا صوت، لأسباب مغايرة تماماً، بطبيعة الحال. وقد لفظت كلماتها الأخيرة ليلة ذهابها. لم تَدَعْ لها أمُّها أيَّ مجالٍ بعد أن أيقظتها، وضاع همسها في الليل، في بامبو السرير الذي تحدّده بأسنانها وهي تأكله بصمت.

Pages