انقضت سنوات عديدة على صدور آخر مؤلف لي، ومنذ ذلك الحين بدأت تراودني وتعاودني الأفكار حول الموضوعات التي يجب أن أكتب بها، وحقيقةً تبين لي كلما ازدادت احتفالات عيد الميلاد الشخصي، وزاد الإنتاج الأدبي كلما نضجت الأفكار وأينعت المساهمات الفكرية السابرة، وتكشفت
You are here
قراءة كتاب الدافعية
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
ظهور المذهب السلوكي The Emergence of Behaviorosm
مع بداية العقود الأولى من القرن العشرين أصبح العلم المسمى بعلم النفس له شأن مهم. وكان كإدارة أكاديمية منفصلة عن الفلسفة وانتشرت المختبرات النفسية في أوروبا وأمريكا، واتفق بشكل عام على أن موضوع علم النفس هو موضوع العقل.
وانتهى إجماع علماء النفس وعلى نحو مفاجئ عام 1913 وذلك بنشر ورقة بعنوان «علم النفس من وجهة النظر السلوكي» للمؤلف John Watson (1878-1959).
تحدي (واطسون) Watson's Challenge :
بدأ Watson حياته المهنية في علم النفس كباحث لسلوك الحيوان وكانت أبحاثه مملوءة بالمحاولة التقليدية للاستدلال حول ما الذي فعلته الحيوانات وكيف قامت بحل المشكلات. كان Thorndkie سبّاقاً في مجاله حيث كان عنوان دراسته «ذكاء الحيوان» والمشكلة كانت بأن الاستنتاجات حول عقل الحيوان لم تكن بالضرورة استدلالية فلا يمكن لأي شخص مراقبته وبشكل مباشر ما الذي يدور في عقل الحيوان. وكنتيجة لذلك كانت الاختلافات صعبة في إيجاد الحلول. وكانت الاستنتاجات الثابتة حول عقل الحيوان قليلة جداً. وبدون صبر حول هذا الموضوع قال Watson: لماذا نقوم بالاستدلال؟ لا يستطيع أي شخص رؤية ما الذي يفكر به أو يعرفه أو يفهمه، ولكن كل شخص يستطيع رؤية ما يفعله الحيوان. ولماذا لا نتحدث عن ذلك (Watson, 1985).
ولهذا قال Watson دعونا نبدأ مرة أخرى ولم تكن بداياته سوى إعادة تعريف لعلم النفس، وقال إن علم النفس هو دراسة السلوك وليس أي شيء آخر. فهو سيربط ما ستقوم به بشروط التعلم. وسيتم تحديد ذلك بالتجربة المباشرة وسترتبط قوانين الحوافز بالاستجابة مباشرة، علاوة على ذلك قال إن علم النفس لا يقتصر على الإنسان، بل يجمع الإنسان والحيوان معاً.
كان هدف Watson التخلص من مفهوم الوعي برمته كشيء غير معروف ولا يمكن معرفته ويشمل هذا كل الأحداث العقلية مثل الغرائز والأمنيات واللذات والقوى الدافعية الأخرى. وقد تكون ردة فعلنا الأولى بأن هذه راديكالية (تطرف) فنحن نعرف شيء ما عن وعي الآخرين وأمنياتهم ومشاعرهم ولكن هل نعرف بالفعل؟
بالتالي أكد على أن الوعي لا يمكن مشاهدته، ومن ثم فكر في هذه لدقيقة، هل اللون الأحمر خاصتك هو نفس اللون الأحمر خاصتي؟
إذا رأينا مجموعة من الألوان المعينة فإننا سنسميها أحمر لأننا تعلمنا أن نسمي ذلك. ولكن كيف لك أن تعلم بأن اللون الذي أراه أنا هو ليس اللون الذي قد تسميه أخضر والعكس بالعكس؟
إذا كنت قلقاً جداً حول الاحتمالية لوحدها فأعتقد أنك ستستنتج الإجابة للسؤال. وحتى لو قمت بوضع عينيك في دماغي فسيظل في دماغي تجربة اللون في المجموعة. وقد تعرف فقط ماذا أسميه أنا وليس كيف أراه.
من جهة أخرى ربما أنك لن تقلق حول المسألة لمدة طويلة وذلك ليس لأن السؤال لا توجد إجابة له بل لأن الإجابة غير مهمة. فأنت وأنا نسمي المجموعة أحمر، فنحن نقوم كلينا بالفعل نفسه عندما يظهر هذا اللون في الإشارة المرورية. ونحن نتفق بأنه ليس من المقبول لرجل أن يلبس ربطة عنق (بنفسجية) على قميص أخضر غامق وهكذا.
ولم يقم Watson باختراع تلك الظروف ولكنه أشار إليها فحسب، أظهر هذا الاكتشاف الأمل بأن الظاهرة النفسية للتعلم قد تدخل في المفاصل مع الأفعال المتعلقة في علم النفس ويبدو أنها كانت تجسيد لما قاله Hobbes عن الاقتران.
بالنسبة لـ Hobbes فإن الحواس (وحدات العقل) مقترنة مع بعضها البعض لأنها تحدث مع بعضها البعض وعند Pavlov فإن الانعكاسات (وحدات السلوك) مقترنة بالحافز لأنها تحدث معاً وبالتالي تجربة Pavlov أدى الجرس بالكلب إلى إسالة لعابه لأن الجرس يثير اللعاب (الطعام) حدث معاً والمهم جداً بأن هذا الدليل التجريبي أصبح يسمى التهيئة التقليدية أو تهيئة Pavlov.
ومثل الاقتران عند Hobbs يبدو أن آلية التهيئة التقليدية وفرت تعقيد وغنى غير محدودين. وكذلك الأمر بالنسبة لـ Pavlov فقد يتحكم أحد ما باستخدام اللعاب للجرس أو لإطفاء وتشغيل الضوء واتضح أن الاستجابة مرتبطة بأي حافز كان، ونستطيع أن نتحكم بأي عدد من الاستجابات للجرس ويمكن أن نتحكم باللعاب إذا قرنا الجرس بالطعام أو تغيير معدل القلب فإذا قمنا بإقران الجرس بصدمة تعتمد أي استجابة نقوم بها لأي حافز تم اقترانه مع ذلك، لذا أصبح من الواضح كيف دخلت أفكار Pavlov إلى وجهة النظر السلوكية مثل المفتاح في القفل.
أين يمكن القول؟ كم مقدار السببية لفعل الإنسان الذي تم فهمه في ظروف مهيأة؟ هذا الجسم الذي تتمسك به فقد يعطي استجابات مختلفة لنفس الحافز تعتمد على تاريخ تعلم الشخص.
وقد تم إشراط الاستجابة نفسها مع عدد مختلف لدى أشخاص آخرين فأحد الأشخاص لديه خوف من الأماكن المرتفعة وآخر من الامتحانات أو من أعضاء الجنس الآخر أو من الفشل فإذا فكرنا في الخوف كاستجابة فبالتالي فنحن نقول: الحوافز المختلفة تثير الاستجابة نفسها حول التواريخ المهيأة في أساسها؟
لا عجب في أن العديد من السلوكيين اعتقدوا بأن المفتاح إلى السببية لسلوك الإنسان المعقد جاء من بحث Pavlov إذا كانت سلوكياتنا المتغيرة معقدة ومختلفة ربما لأن تاريخ تعليمنا معقد ومتنوع ومع ذلك يشدد السلوكي على البيئة - الماضي والحاضر - كسبب للأفعال فحالة الحوافز - البيئة - ذات شأن فيما تفعل. وإذا تصرف أشخاص مختلفون بشكل مختلف في البيئة نفسها - كما يقول Watson - فذلك بسبب الاختلافات في البيئة السابقة. وفي مسألة الطبيعة - انحاز السلوكيون إلى جانب الطبيعة واعتبروها انعكاسات بسيطة فطرية ولكن كل التعقيد في السلوك هو ناتج عن عملية الاكتساب؟ من خلال التهيئة.
وبنظرة واحدة فنحن كلنا سلوكيون لأننا نقبل المقترحات التي تكوّن استنتاجاتنا المبينة على الدليل وأن الدليل لا بد أن يكون مشاهد وأن أي مشاهد يمكن رؤيته والتحقق منه بنفسه وهذا ما يعنيه الدليل الموضوعي.
كما أنه يجب القول أيضاً أن المذهب السلوكي أصبح قوة مسيطرة في علم النفس الأكاديمي فقد فرض المذهب السلوكي قيوداً شديدة على موضوعية دراسة الإدراك والتخيل والأمنيات والأداء والرغبة وعدم الرغبة والأهداف والتعميم في السلوك، هذا وتم إخراجها من الدائرة العلمية بسبب السلوكيين لأنهم سموا (العقل) بالظاهرة.
التحديات للسلوكية Challenges to behaviorism :
بمرور عشرين أو ثلاثين سنة بعد Watson هيمنت النظرة السلوكية في دراسة الدافعية والتعلم. وكانت فرضياتها واضحة.
1. معظم السلوك مكتسب. فبعيداً عن بعض الانعكاسات البسيطة، تبدأ الأعضاء كلوح فارغ وأن البيئة تكتب على هذا اللوح سلوكات بسيطة أو معقدة تبعاً لتعقد البيئة التي يعيش بها الإنسان.
2. يخضع التعلم لنفس المبادئ والقوانين التي تحكم السلوك.
3. الحالات الداخلية والعمليات الوسيطية مثل الأفكار والرغبات والغرائز يمكن أن يتم تجاهلها إذا كانت موجودة أصلاً.