في هذا العمل، لا تذهب الكاتبة الشابة مدية سالم في تأملات إنسانية للعالم والمعرفة، بل تذهب إلى ما هو أبسط من ذلك ويحتاج إلى عين مدرّبة لتلقطه، وهو ما يحدث من تغيرات في القيم والأعراف في المجتمع الإماراتي عبر أحداث واقعية تماما ومن الممكن تحققها مع أي شخص ينت
You are here
قراءة كتاب ما ذنبي يا حبيبي
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 2
* 2 *
كنتُ أتألم لرؤية ابني الوحيد يتعذب هكذا دون استطاعتي مساعدته، كان جسداً بلا روح، فقد استسلم تماماً لعجزه، ولم أفلح مع والده بإقناعه أن يقاتل ويناضل من أجل المشي على قدميه من جديد، لقد ذبحته بتركها له، لقد آذته أكثر مما آذاه الحادث، هي السبب لما حصل لابني؛ لهذا أكرهها من كل قلبي، لكن رغم ذلك دستُ على نفسي وبلعتُ كرهي لها، وذهبتُ لها بانكساري، لعلها تقبل أن تعود له، وليتني ما أفعل.
كانت جالسة أمامي مباشرة، تحدق نحوي بعينيها الصغيرتين، تنتظر كلماتي، وبدت بأنها تعلم سبب زيارتي لها، لهذا دخلتُ في الموضوع مباشرة وبدون مقدمات، فالمقدمات لن تنفع في هذه الحال، فقلتُ لها وصورة ابني المحطم في مخيلتي: "إنه يريدكِ، إنه يحتاج إليكِ، فأرجوكِ عودي، هو يرفض العلاج، ومستسلم تماماً، فأرجوكِ أتوسل لكِ بأن تعودي له، وبأن تنسي أمر الطلاق.. أرجوكِ".
انسلت دمعةٌ من عيني لتترجم لوعة قلبي، ظلت تحدق بي، والتعابير الجامدة ترتسم على وجهها وكأنها لم تسمع شيئاً مما قلت، فنظرت إليها مندهشة أكرر كلامي"إنه يحتاجكِ يا سارة، يحتاجكِ، ألا تسمعينني؟" هزت رأسها، ثم ابتسمت قائلة: "سمعتُكِ، لكن ما علاقتي بذلك؟" تحولت الدهشة إلى صدمة، فقلتُ لها بنبرتي الحزينة: " كيف لا علاقة لكِ وهو يريدك ويحتاج أن تكوني بقربه؟" انفعلت وتبدلت تعابير وجهها إلى غضب وصرخت: "هو لا يريدني.. ابنكِ يريدها ويحتاجها هي، فقولي لها أن تذهب إليه" نظرت إليها بعينين متعجبتين، وقلت:"عمّن تتحدثين؟"، نظرت إلى يمينها، وأخذت تعضّ شفتها السفلى كأنها تريد أن تتمالك أعصابها، ومن ثم عادت تنظر نحوي، وقالت بصوت مهزوز به رعشة البكاء: "حبيبة قلبه" ورحلت من فورها تاركة إياي لوحدي يعصف بي إعصار من التعجب والحيرة.